منتديات الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه
منتديات الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه
منتديات الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه


 
الرئيسيةالبوابة2أحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبا يا مرحبا
كل القــلوب إلي الحبيب تميل *** ومعي بذلك شاهد و دلــيل أما الدلـــيل إذا ذكرت محمداً*** صارت دموع العاشقين تسيل يا سيد الكونين يا عــلم الهدى***هذا المتيم في حمـاك نزيـل لو صــادفتني من لدنك عناية*** لأزور طيبة و النخـيل جميل هذا رســول الله هذا المصطفى*** هذا لرب العالمين رســول هذا الذي رد العــــيون بكفه *** لما بدت فوق الخدود تسـيل هذا الغمـــامة ظللته إذا مشى *** كانت تقيل إذا الحبـيب يقيل هذا الذي شرف الضريح بجسمه *** منهاجه للسالكين ســـبيل يـارب إني قـد مدحـت محمداً*** فيه ثوابي وللمديــح جزيل صلى عليك الله يا عــلم الهدى *** ما حن مشتاق وسـار دليل
المصحف الالكتروني المرتل بأكثر من 60 مقرء
الصوفية بث حي
أوقات الصلاة
أوقات الصلاة لأكثر من 6 ملايين مدينة في أنحاء العالم
الدولة:
المواضيع الأكثر نشاطاً
تحميل فيلم فجر الاسلام نسخة ديفيدي dvdrip
الحج-الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية-.
الصلاة-الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية -.
صلاة الجمعة-الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية-.
تعلم التجويد خطوة بخطوة بالصوت والصورة
الحلقات الاولى من سلسلة فيديو الواصلون المثيرة للجدل
حمل مسلسل سيدنا يوسف الصديق عليه السلام المدبلج الى اللغة العربية من الحلقة 1 الى الحلقة 45 من ملف تورنت تحديث اضافة روابط مباشرة صاروخية للتحميل.
Wing Chun Kung-Fu by J.Yimm Lee & Bruce Lee
تفسير القرآن للشيخ الشعراي صوت و صورة :: الاسطوانه السابعه دى فى دى
الفيلم الرائع الرساله بطوله عبدالله غيث بجوده عاليه رابط واحد.Dvdrip
مواضيع مماثلة
    الساعة الآن في تونس
    المواضيع الأخيرة
    » حمل مسلسل سيدنا يوسف الصديق عليه السلام المدبلج الى اللغة العربية من الحلقة 1 الى الحلقة 45 من ملف تورنت تحديث اضافة روابط مباشرة صاروخية للتحميل.
     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Emptyالسبت ديسمبر 05, 2015 8:27 am من طرف mourad00

    » أمن الدولة المصري يهجم علي مدرسة أنصار الإمام المهدي في مصر اقرأ المزيد: http://vb.al-mehdyoon.org/showthread.php?t=20113#ixzz2CnJshHvB
     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Emptyالثلاثاء نوفمبر 20, 2012 10:54 pm من طرف الواصلون

    » Hand postures
     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Emptyالخميس مايو 24, 2012 12:15 pm من طرف Admin

    » عقيدة المسلمين قررت كلية أصول الدين في جامعة الأزهر الشريف هذه العقيدة بعد الاطلاع عليها وبناء عليه ختم بختمها الرسمي
     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Emptyالأحد مايو 20, 2012 11:36 am من طرف Admin

    » حقيقة الوهابية في هذا العصر - الشيخ جميل حليم
     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Emptyالسبت مايو 19, 2012 9:27 pm من طرف Admin

    » حقائق عن مزيج العسل والقرفة
     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Emptyالخميس مايو 17, 2012 11:23 am من طرف Admin

    » ومن أعجب الأمر هذا الخفا- عجنوا مسك الجمال أداء جماعي
     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Emptyالأربعاء مايو 16, 2012 12:46 pm من طرف Admin

    » الحصة السابعة في شرح كتيب عقيدة المسلمين الذي هو من إصدار جامعة الأزهر الشريف بتأطير الشيخ صدرالدين المؤدب
     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Emptyالثلاثاء مايو 15, 2012 3:35 pm من طرف Admin

    » حول التمايل والوجد في حلقات الذكر عند السادة الصوفية
     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Emptyالثلاثاء مايو 15, 2012 1:34 pm من طرف Admin

    التبادل الاعلاني
    احداث منتدى مجاني
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
    تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

    قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه على موقع حفض الصفحات

    قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه على موقع حفض الصفحات
    بحـث
     
     

    نتائج البحث
     
    Rechercher بحث متقدم
    المتواجدون الآن ؟
    ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر

    لا أحد

    أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 68 بتاريخ الخميس نوفمبر 07, 2024 3:56 am
    تصويت
    نوفمبر 2024
    الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
         12
    3456789
    10111213141516
    17181920212223
    24252627282930
    اليوميةاليومية
    www.goo9.net أكبر موقع ألعاب فلاش عربي

     

      جهاد الصوفيين عبر التاريخ

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 1301
    نقاط : 3920
    تاريخ التسجيل : 24/03/2011
    العمر : 50
    الموقع : https://islem-ihsen.forumarabia.com/forum

     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Empty
    مُساهمةموضوع: جهاد الصوفيين عبر التاريخ     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Emptyالثلاثاء يوليو 26, 2011 1:34 pm





     جهاد الصوفيين عبر التاريخ  Tablo144zrrc0

    من أهم الأمور التي يتهم بها المتصوفين تقاعسهم عن الجهاد في سبيل الله، ولا يعلمون هذا المتهم لهم بذلك أن الصوفية كانوا قادة حروب ضد الاستعمار.

    الجهاد في سبيل الله الذي الأمة الإسلامية اليوم في أمسَّ الحاجة إليه ونحن نرى واقع العالم الإسلامي وما يجري على أراضيَ المسلمين في المقدس وغيرها في الشرق والغرب ننظر إلى الجهاد الذي مر في العالم الإسلامي من القرون الأولى إلى اليوم وماذا كان دور التصوف فيه .
    نقول : أولاً : إذا رجعنا إلى ترجمة رجال التصوف الأوائل وجدناهم كلهم كانوا ممن يخرجوا في سبيل الله تعالى .

    [الصوفية وحروب الصليبيين]
    ثم نأتي إلى المعارك الكبرى في الإسلام وإلى القادات العظماء في الإسلام فننظر : القائد نور الدين زنكي الذي حارب الصليبية الإمام القائد نور الدين زنكي المشهور الورع التقي الصوفي ، كان جليس رجال التصوف وهو الذي قرر كتاب إحياء علوم الدين للجيش كله وهو من أشهر كتب التصوف .
    ترجم له وذكر ذلك الإمام ابن كثير في كتاب البداية والنهاية وجاء في كتاب الروضتين في أخبار الدولتين وترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء -الإمام القائد نور الدين زنكي- .
    السلطان الأرسلان الذي انتصر على الروم في موقعة ملاذكر سنة (463) أربعمئة وثلاث وستين وكان يتبرك بالشيخ أبي القاسم القشيري وعدد من مشائخ الصوفية وارجع إلى نفس المراجع التي ذكرتها في نور الدين زنكي ، السلطان الأرسلان الذي انتصر على الروم!.
    القائد البطل صلاح الدين الأيوبي الذي جاء تباعًا لنور الدين زنكي الإمام صلاح الدين الأيوبي القائد الذي حرَّر بيت المقدس وما أحوجنا لمثله اليوم وهو في سنة (532) خمسمئة واثنين وثلاثين كان يوصف (الصوفي الزاهد الورع النقي التقي) ذكره السبكي في طبقاته قال عنه ابن كثير : ((كان شجاعًا كثير الصلاة وله خانقاه بالديار المصرية أقامه للصوفية (( خانقاه معروف في مصر هي الدور التي يجتمع فيها أهل التصوف للذكر بناها لهم صلاح الدين الأيوبي ، وبنى مدارس الصوفية في جبل قاسيون في الشام وهو الذي بنى قبة الإمام الشافعي القبة المعروفة على قبر الإمام الشافعي وعلى ضريح الإمام الشافعي الذي بناها هو صلاح الدين الأيوبي ، وفتح بيت المقدس في السابع والعشرين من رجب سنة (583) خمسمئة وثلاث وثمانين بإشارة مشائخ الصوفية وكان في جيشه كثير من أهل التصوف ، صلاح الدين الأيوبي ! ، أخاف أن يأتي أحد اليوم فيقول صلاح الدين الأيوبي مبتدع كبير بنى قبة على قبر الإمام الشافعي وأنه كان يجالس الصوفية ، ومن ؟! عسى أن صاحب هذا القول هو الذي سيفتح بيت المقدس اليوم !!.
    الإمام القائد محمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية

    قال الرسول الكريم (لتفتحن َ القسطنطينية فنعم الامير اميرها ونعم الجيش ذلك الجيش) الجامع الصغير للسيوطي حديث رقم 7227
    فتح القسطنطينية ذلك الحدث العظيم الذي هز أوربا والذي أعده المؤرخون نهاية للعصر الوسيط وبداية للعصر الحديث كان بيد ذلك السلطان العثماني محمد الفاتح ....
    كان شيخه الطبيب العالم محمد بن حمزة الملقب آق شمس الدين ...
    الذي أدخله الخلوة ولقنه الأوارد ....

    اولا الكلام عن فتح الفسطنطينية:

    نبدأ بالحكاية التي يوردها مصنف أخبار الدول والشوكاني في البدر الطالع وغيرهم:
    )ومن مشايخ الطريقة في زمانه الشيخ العارف بالله الواصل الى الله آق شمس الين ..... لما أراد السلطان محمد خان فتح القسطنطينية أرسل وزيره الى الشيخ المذكور يدعوه الى الجهاد والى الحضور معه في فتح المدينة العظيمة فحضر وبشر بالنصر وقال :
    ستفتح القسطنطينية ان شاء الله تعالى على يد المسلمين هذا العام في اليوم الفلاني من ناحية القلعة فبشر الوزير السلطان ... فلما صار ذلك الوقت الموعود ولم تفتح القلعة ذهب الوزير الى الشيخ يستفسر فوجده ساجدا على التراب في خيمته وهو يتضرع ويبكي ثم قام وكبر وقال الحمد لله الذي منحنا فتح هذه المدينة
    قال الوزير فنظرت الى جانب المدينة فإذا العسكر قد دخل بأجمعه ففتح الله ببركة دعائه وكانت دعوته تخرق السبع الطباق وقال السلطان كلمته الشهيرة (مافرحت بهذا الفتح وانما فرحي بوجود مثل هذا الرجل في زماني(.

    ثم بعد يوم جاء السلطان الى خيمة الشيخ آق شمس الدين وهو مضطجع وقبل يده وقال له جئتك لحاجة عندي قال ما هي ؟ قال اريد ان ادخل الخلوة عندك ايام فقرأ عليه الشيخ الاوراد والسلطان جالس امامه على ركبتيه يستمع للأوراد فلما اتمها التمس السلطان من الشيخ ان يعين له قبر الصحابي ابي ايوب الانصاري (الذي استشهد على ابواب القسطنطينية)

    فقال آق شمس الدين اتقت روحي مع روحه وهنأني بهذا الفتح ثم سار الشيخ الى منطقة وقال إني أشاهد في هذا الموضع نورا لعل قبره هاهنا فاحفروا مقدار ذراعين من جانب الراس من القبر فحفروا في الوضع المشار اليه فظهر رخام عليه خط فقرأه من يعرفه وفسره فإذا هو ما قرره الشيخ فغلب على السلطان محمد حال كاد

    الذي جاءت الإشارة إليه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (خير الأمير أميرها وخير الجيوش جيشها) كذلك كان جليس رجال التصوف ، هذه حروب الصليبية والذين قاتلوهم .
    ومنهم أيضاً الشيخ أحمد الشريف الذي جاهد الفرنسيين [1902م] والإيطاليين والإنكليز .

    [الصوفية وحروب التتارٍ]
    نأتي إلى حروب التتار الذين هاجموا الإسلام وانتهكوا بلاد المسلمين وانتهكوا بغداد وما حولها ، حروب التتار ، نجد الإمام أبو الحسن الشاذلي مرجع الصوفية الشاذلية ، كان هو قائد الحملة التي حبست لويس التاسع في المنصورة كان عمره فوق الستين وكف بصره فخرج حاملاً الراية يدعو الجهاد الجهاد.
    الإمام العز بن عبد السلام هو شيخ القائد سيف الدين قطس ومعروف القائد سيف الدين قطس ، هو الذي انتصرت على التتار في معركة عين جالوت سنة (656) ستمئة وست وخمسين في السابع والعشرين من رمضان ، سيف الدين قطس كان من تلامذة العز بن عبد السلام من أشهر رجال التصوف من كبارهم .
    الإمام أحمد البدوي بمصر كان يهادن وتلامذته معسكرات التتار بالليل لفك الأسرى وكم من كثير من الأخبار التي تذكر عن جهاد الصوفية .
    [الصوفية والاستعمار]
    نأتي إلى جهاد الصوفية ضد الاستعمار الأخير
    نجد الشيخ عبد الكريم المغربي قائد حركة المرابطين في المغرب ضد الاستعمار -الاستعمار الإنجليزي والفرنسي وغيره-.
    الشيخ عبد القادر -الأمير عبد القادر- الجزائري ضد فرنسا بالجزائر من كبار علماء التصوف.
    الشيخ عمر المختار في ليبيا من الطريقة السنوسية الذي أذاق إيطاليا مُرً ومرارة عظيمة في صحراء ليبيا ، الشيخ عمر المختار وهو سنوسي الطريقة صوفي .
    الإمام الزاهر من آل أبي علوي هو الذي أخرج هولندا من منطقة آكي باندنوسيا وهو من كبار الصوفية .
    ولنتكلم عن أول من أطلق صيحة الجهاد مدوية في فلسطين على الاستعمار الانجليزي ألا وهو الشيخ فرحان السعدي ( المولود سنة 1858 م) الذي ينتهي الى عائلة السعدية الجيباوية الصوفية ولكن سرعان ما ألقي القبض عليه مع مريديه فأعدمه الانجليز وهو صائم.
    ((المرجع: مجلة شؤون فلسطينية العدد 124 ص 22 آذار لعام 1982 ورثى الشاعر الفلسطيني عبدالكريم الكرمي الشيخ فرحان فقال : قوموا اسمعوا من كل ناحية يصيح دم الشهيد+++قوموا انظروا فرحان فوق جبينه أثر السجود +++ يمشي الى جبل الشهادة صائما مشي الأسود)).
    عز الدين القسام في فلسطين الذي أتعب اليهود والصهيونية كان صوفيًا عليه رحمة الله تعالى عز الدين القسام .
    في السودان الذي حارب وأقام الحملة ضد الاستعمار الإمام المهدي الصوفي .
    الذين قاتلوا الاستعمار بالشام هم أصحاب الطريقة الشاذلية والنقشبندية .
    اليوم الذين يجاهدون بالشيشان هم أهل الطريقة النقشبدنية من الصوفية.
    ولقد كان بعض مشايخ الطريقة يقودون حركة الجهاد في مناطق مختلفة، وكان الشيخ منصور أشرمة أول قائد عسكري صوفي، بمنطقة الشيشان وداغستان وقاد هجمات ناجحة على قوات القيصرية الروسية، واستطاع أن يفني سَرية روسية كاملة على نهر سونجا عام 1785م، وقد أسره الروس في إحدى المعارك عام 1791م، وحكم عليه بالمؤبد، ومات في حصن شكوبليرغ ولم تتوقف مسيرة الجهاد. وتولى الشيخ خاس محمد أفندي الباراغلاري النقشبندي قيادة حركة الجهاد، ويستشهد في ساحة المعارك ويتولى مشايخ الطريقة النقشبندية قيادة حركة الجهاد في وسط آسيا، ويقود ثورة مدينة أنديجان في سنة 1898م شيخ النقشبندية بها، وبعد قمع الثورة 1899م يشنق على يد الروس.

    وقبل هذه الثورة كان القاضي ملا محمد الكمراوي النقشبندي يقود المجاهدين في انتصارات متوالية على القوات الروسية حتى أطلق عليه اسم الغازي محمد، حيث ظل يحقق انتصارات متوالية بين عامي 1832م إلى 1834م، ويستشهد الرجل في الميدان، ويحمل الراية تلميذه الأمير حمزة الخنزاجي، ويلحق التلميد بأستاذه شهيدًا، ويتحمل مسئولية القيادة الإمام محمد شامل تلميذ القاضي محمد وشيخ النقشبندية، واستطاع الإمام شامل تحقيق انتصارات رائعة ببطولة وعبقرية نادرة، ويسترد الإمام شامل كثيرًا من القلاع والحصون التي استولى عليها الروس، واستطاع أن يقيم دولة مجاهدة، تقيم العدل، وتقوم برسالة الإسلام من دعوة، وتربية وجهاد خلال خمس وعشرين سنة، وأقام الشيخ محاكم شرعية في كافة الجهات التي تقع تحت سلطانه، وأرسل مندوبين عنه لمتابعة الأعمال.

    وفي هذا السياق نقلت المصادر موقفًا بين أحد نوابه، وقاضي شرعي اشتهر بالجراءة في الحق، قال النائب قبل مغادرته لقاعة المحكمة: إذا لم تحافظ على الحقوق العامة في الدائرة؛ فلأقيمنَّ العدل بهذا..وأشار إلى سيفه. فرد القاضي مجيبًا: وإذا رأينا فيكم إهمالاً أو تقصيرًا في تنفيذ الأحكام المستمدة من شريعة الله...أنفذ فيك أمر ربي...وأشار إلى بندقية إلى جواره.

    ويصف أحد الرحالة العثمانيين شكل الحكم في هذه الدولة، بعد أن وصفها بأنها المدينة الفاضلة التي يحلم بها الفلاسفة فيقول: "يجب ألا تستولي علينا الدهشة حينما نعلم أن الحكم والإدارة عندهم أبعد ما يكون عن الاستبداد، فالحكم المطلق والاستبداد لا يجد بينهم مرتعًا خصيبًا، فهي حكومة الأشراف شكلاً، وحكومة دستورية فعلا... ".

    ويصف سلطة الأمير ويُسمَّى "البشي"، "إنك تجد أن سلطة البشي محدودة لا تتعدى القانون، وما عدا ذلك فإنه كان يستمد سلطته من مجلس الأمراء والأعيان..."، "وكذلك ثروته فإنها كانت محدودة لا تتعدى احتياجاته الشخصية.." "وهم خاضعون في كل أحكامهم للشورى...."

    هكذا كان حكم دولة الإمام شامل، وفي نفس الوقت يقوم ببناء القلاع والحصون، ومصانع السلاح والبارود، ويرسل النواب للدعوة إلى الجهاد في كافة المدن والقبائل، ومتابعة أعمال الجهاد ضد روسيا، ويقوم بإجراء اتصالات دولية للاستعانة ببعض الدول المعادية لروسيا، وينجح في استثمار أجواء الصراع الدولي ضدها في حرب القرم 1853م، ولكن تسويات دولية بين القوى المتصارعة أدت إلى انتهاء مصالح هذه الدول مع الإمام شامل، ويلتف الجيش القيصري على دولة الإمام ويستشهد مشايخ النقشبندية في الميدان، ويظل يناوشهم بقليل من عدد وعدة طوال عشر سنوات، حتى خرج من الميدان بعد أن فقد كل ما لديه من مؤن وسلاح، وانتهى به إلى جوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث دفن في البقيع عام 1871م.

    ورغم عنف القمع القيصري بالطريقة النقشبندية شيوخا ومريدين وقتلهم وسجنهم ومطاردتهم في أنحاء البلاد، فإن السنين كانت قد مرت وظهر حيوان شرس جديد وهو البلشفية الشيوعية، الذي بدأ ناعما ينادي الجميع للتعاون لإسقاط حكم القياصرة، ولكن النقشبندية فهموا الأمر منذ البداية، وقالوا رأيهم الذي لم يتغير، وهو الدولة الإسلامية هو الطريق الصحيح الوحيد.

    بعد أن نجحت الثورة البلشفية في روسيا عام 1917م بدأت تسير الثورة في الأراضي المحيطة، وتقوم بالقمع والمذابح الجماعية لكل من يعارضهم، فقام شيخ النقشبندية نجم الدين دي غوتسو في منطقة داغستان بالوقوف أمام الزحف الشيوعي بدءًا من عام 1917م، واتحد مع مشايخ النقشبندية في الشيشان أوزون حجي، ومحمد البلوكاني وسراج الدين حجي وغيرهم، وبدأت الانتفاضة الكبرى من عام 1918م، واستمرت حتى 1928م وقد سميت باسم ثورة (الباسمشية البسماجي) وهي كلمة تعني قاطع الطريق بالتركية، ولكنها صارت مرادفة لكلمة مجاهد عند المسلمين، وقد نجحت هذه الحركة في تأسيس حكومة للمنطقة في خريف عام 1919م وتم تنظيم أمور الدولة، حتى اختفى اللصوص والجريمة من حياة الناس، وساعد على تقوية الانتفاضة العسكرية -دعم الملا عبد القهار من كابل، وقيادة إبراهيم بك أمير بخارى العسكرية- وقدم إليهم بعد قليل قائد محنك هو أنور باشا من الدولة العثمانية (أنور باشا أحد زملاء مصطفى كمال في انقلابه، ضد السلطان العثماني، ولكنه اختلف مع توجهات مصطفى كمال العلمانية وفر من تركيا إلى وسط آسيا لمساعدة الثوار عسكريا) واستطاع أنور باشا أن يحقق انتصارات رائعة على القوات الروسية، ولكن الضغائن وسلاح الوقيعة، وبعض المعاملات الخشنة من أنور باشا مع الأمراء والقادة، فضت الاجتماع، وفرَّقت القلوب، وانسحب كل أمير بقواته، واستشهد أنور باشا، وانهزمت القوات المسلمة، وذبح ما يقرب من 20 ألف مسلم بيد القوات الروسية، وانتهت الدولة والثورة، وتم تعقب قادة كافة الطرق الصوفية وإعدامهم بالجملة.

    هل يتوقع إنسان أن تقوم قائمة للطريقة النقشبندية أو غيرها في هذه المنطقة، العقل يقول يكاد يكون من المستحيل، ولكن الواقع يقول: إن الثورات لم تنقطع، وإن المصادر السوفيتية تقدم إحصاءً من جانبها؛ فتقول: إن هذه المنطقة قامت بها اثنتان وخمسين ثورة ما بين عام 1939م وعام 1979م (مجلة الشئون السوفيتية عدد 4، 21، 28،...) ورغم القمع البربري، ورغم أن ستالين ألغى هذه المحافظة وقام بنفي أهلها جميعًا إلى سيبريا، إلا أنهم عادوا وتجمعوا، ونظموا صفوفهم وعبدوا الله، وتوجهوا إلى الجهاد تحت راية مشايخ النقشبندية، وهم الآن في الشيشان يواصلون طريق أجدادهم.

    وهناك فرع آخر للنقشبندية يوجد بين أكراد العراق، وكان ذلك على يد الشيخ خالد بن أحمد بن حسين (1190-1242هـ-1776-1827م) .وإن بحثت عن مقاتلي الأكراد في مواجهة القمع العراقي، فسوف تجد أن قيادتهم في يد عائلة البرازاني التي تولت مشيخة الطريقة النقشبندية في شمال العراق، ولم يستجب المقاتلون الأكراد لقيادة أخرى منذ بدءوا كفاحهم المسلح.
    وفي داغستان برز الشيخ شامل هناك.. حينما تطأ قدماك أرض داغستان ستطالعك في كل بيت صورة رجل سرعان ما تظن من نظرة عينيه ومهابة ملامحه أنه بطل قومي، وسيتأكد ظنك حينما يصافحك في كل سوق ترتاده فتى يناديه أقرانه باسم صاحب الصورة: محمد شامل. والاسم لرجل قاد أشهر حركة للجهاد الإسلامي في محاولة بدت مستحيلة لوقف الزحف الروسي على أراضي مسلمي القوقاز.

    لم يولد محمد شامل لأسرة معدمة سقته فقرا وحرمانا؛ حتى يفسر البعض جهاده نحو الحرية بأنه جهاد الفقراء المسحوقين. ففي نهاية القرن الثامن عشر وبينما كان ملايين الفلاحين في روسيا يئنون من استعباد الإقطاعيين كان عليّ بن ديغنو –والد الإمام شامل- فلاحا من الأحرار، أما أمه فهي ابنة سيد الآفار (إحدى أهم القوميات في داغستان).

    ولد شامل في عام 1797 طفلا مريضا شاحبا حاملا اسم "علي"، وعندما بلغ الثامنة من عمره غير أبوه اسمه إلى شامل -يعني السعيد- أملا في أن يتعافى الصبي. وكانت سنوات الطفولة والساعات الطوال التي قضاها مشتغلا بالرعي عند أقدام جبال القوقاز فرصة في أن يتأمل ما تعلمه في المسجد من دروس في التفسير والحديث وقواعد اللغة العربية والشريعة الإسلامية. كما كانت هذه الساعات الطوال سببا في الارتباط الشديد بجغرافية المكان الذي سيدافع عنه فيما بعد، ويعمل على رده من المغتصبين.

    تفتحت عيناه على مناهج الطرق الصوفية، وتتلمذ على يدي علماء الطريقة النقشبندية التي كانت حاملة لراية الجهاد في القوقاز وآسيا الوسطى. ولم يُضع شامل وقتا في الانتقال من فكر إلى فكر، ومن مذهب إلى آخر. فسماء داغستان كان يسيّرها هدير الجهاد. وحينما انضم جنديا إلى قوات المريدين أمضى قطاعا مهما من شبابه في خيام القادة العسكريين يتعلم سبل مواجهة هجوم أو شن غزوة من الغزوات. ويعتبر الباحث الفنلندي ليتزنجر في كتابه "القوقاز.. تحالف غير مقدس" أن شامل أقرب لنموذج من الرجال عاش لينفذ أوامر الله، منحته الصوفية قدرا وافرا من ضبط النفس والقدرة على التحليل والتعلم من الماضي، والاعتقاد بدور الكاريزما في تسيير الشعوب، واليقين بأن الإسلام دين فوق القوميات.

    الإمام شامل.. حبة عقد

    في نهاية القرن 15 كانت الشيشان وداغستان وباقي الأراضي بين البحر الأسود وقزوين تداعب مخيلة القيصر الروسي إيفان الثالث، فاتفق مع قبائل القوزاق الموالية للدولة الروسية الوليدة بالغزو التدريجي لأراضي المسلمين في إقليم القوقاز. وأدى القوزاق المهمة بنجاح، فأقاموا أول مخفر أمامي على نهر تيرك، وصار هذا المخفر مدينة "جروزني" العاصمة الشيشانية فيما بعد. وخلال حكم إيفان الرابع -منتصف القرن 16- قام القوزاق ببناء مجموعة من الحصون في شمال داغستان والشيشان، عاقدين تحالفات مع بعض شعوب الإقليم. ومع بداية القرن 18 كانت آلاف الأسر القوزاقية قد تجمعت في الإقليم، وامتزجت مع القبائل المحلية، وتزاوجوا منهم وإن احتفظوا بالمسيحية دينا وبالروسية لغة.

    وخلال حكم بطرس الأكبر وفي عام 1722 وقع أول صدام بين القوات الروسية والشيشانيين الذين كسبوا المعركة أمام قوة فتية مستكشفة. وسرعان ما تنتظم صفوف المقاومة تحت زعامة الإمام منصور (ولد في عام 1732) الذي استطاع بفهمه العميق للقرآن أن يحول شيوخ القبائل إلى الإسلام، ونظم عبر مجالس الصوفية (الطريقة النقشبندية) حركة من الأتباع والمريدين لمواجهة التوغل الروسي في القوقاز. وحقق مجموعة من الانتصارات حتى أوقع به الروس ومات في الأَسر سنة 1794. غير أن المسرح الشيشاني لم يهدأ بعد موت الإمام منصور إلا لعقدين من الزمان، بعدها كان الغازي مولا قائدا للمريدين يكمل الطريق.

    في عام 1829 بدأ الغازي مولا في تحريك شعوب الجبال نحو حرب مقدسة لمواجهة روسيا، وإن عرف عنه عدم مشاركته في المعارك، بل اشتهر بقدرته في التأثير على جنوده بسحر الكلمة وبلاغتها. كما قطع شوطا كبيرا في إرسال الدعاة من داغستان إلى سكان الجبال الشيشانية لتحويلهم من الوثنية إلى الإسلام.

    وأمام تماسك قوة المريدين اتخذ الروس أسلوب حرق الدور على ساكنيها كي يجبروا المقاومين على الخروج. وشنوا هجوما واسعا إلى أن سقط الغازي مولا في معركة غمري بين جثث آلاف المريدين. وفى معركة غمري لم ينجُ إلا القليل، وتمكن اثنان منهم من الفرار، كان أحدهما شامل الذي كان قد أصيب إصابة قاتلة.

    وبعد مقتل الغازي مولا وجرح شامل اختير "حمزة بيه" من قبل المريدين قائدا بعد تزكية من كبار الشيوخ. وأفنى حمزة العامين التاليين في ترتيب الصفوف وتدعيم قوة الجيش، إلا أنه لقي الهزيمة، ثم اغتاله العملاء وهو يؤم المصلين في المسجد الجامع بمعقل المقاومة في هونزا بداغستان.

    كفاح الإمام شامل

    حينما اختاره المريدون إماما بعد وفاة حمزة بيه في عام 1834 أعاد شامل تنظيم جيش المريدين على نمط أعدائه القوزاق بشكل أشبه إلى التنسيق الفيدرالي الحديث. كما نظم العمل البريدي في دولته، ونسق الإنفاق على الجيش من ريع الأراضي الزراعية التي ضُمت إلى المساجد، كما نظم جمع الزكاة لتجهيز الجيش. وفى المقابل طرد "الدراويش"، ولم يقبل عودتهم إلا كجند في جيشه.

    وفى دولة الإمام شامل -التي ارتكزت على الشيشان وداغستان، وامتدت من قزوين في الشرق إلى البحر الأسود في الغرب- كان السعي دءوبا للمساواة بين القوميات، بغض النظر عن اللغة والعرق والطبقة، في وقت كانت العبودية ما زالت مطبقة في روسيا. واستمد شامل من القوانين الإسلامية المنهج الذي نظم به الحياة الاجتماعية، وبصفة خاصة شؤون القصاص والعقاب في الجرائم المدنية، بل إنه تشدد في بعض القوانين التي كان القانون في بعض المذاهب الإسلامية أكثر اعتدالا؛ رغبة منه في الحفاظ على أركان دولته.

    كما استفاد من الأسرى من الضباط الروس ومن المرتدين عن التعاون مع الروس، وهم قد خبروا القدرات العسكرية الروسية في تطوير قدراته العسكرية على نمط أوروبي حديث. وحاول شامل أن يستفيد من القوى الدولية لمساعدته، غير أن عزلة الميدان الذي يقاتل فيه حالت دون تحقيق خطته. ففي منتصف القرن التاسع عشر سعى شامل إلى فتح خط اتصال بين كل من تركيا وإنجلترا وفرنسا بهدف أن تقدم هذه الدول لشامل الدعم العسكري في مقابل تحالفه معها في عِداها لروسيا. وقبل ذلك وفى عام 1840 تداول المريدون في داغستان خطابا يحمل توقيع الخاتم الملكي لمحمد علي باشا، يفوض فيه شامل بقيادة سكان الإقليم، ويعد بوصول الجيش المصري المتوغل في الأراضي التركية إليهم لتقديم العون العسكري في مواجهة الروس، غير أن فشل مشروع محمد علي في تركيا بدد آمال المريدين في وصول مدد مصري (من الثابت تاريخيا أن روسيا قدمت لتركيا -عدوتها اللدود- قطعا بحرية، وشاركت بجزء من أسطولها في البحر الأسود لضرب الأسطول المصري(.

    يسلح نفسه من جيش عدوه!

    استمرت المقاومة بقيادة شامل في مسلسل متوالي الحلقات من حرب الكر، إلى أن نفذ شامل انسحابا تكتيكا إلى داخل الجبال، مغريا الروس بالتوغل خلفه عبر الغابات الكثيفة، فانقض عليهم المريدون من جهات مختلفة. واستخدم الشيشانيون أحد قارعي الطبول الذين تم أسرهم في العزف لحث الجنود الروس على التوجه نحو شرَك أعده الشيشانيون، قتلوا فيه أكثر من نصف ضباط الحملة. وتوالت الهجمات على الجيش الروسي المرتبك؛ ففقد أربعة مدافع من خمسة. ويقدر المؤرخون نتاج معارك الغابات التي استمرت أربع سنوات بنحو 10.000 قتيل روسي!

    وتمكن شامل بالمدافع الأربعة التي اغتنمها من الروس الهجوم على الروس في حصونهم، فأسقط آلاف القتلى، واغتنم في سنتين 14 مدفعا إضافيا بشكل بدا وكأن جيشا جديدا يبنى لشامل من المدافع الروسية الخطيرة التي لم يكن جنود المريدين يحلمون بالحصول على واحد منها.

    وكتب أحد الجنرالات الروس في مذكراته معلقا على ما يرى: "يا لها من مصيبة مفجعة، إن الرجال الذين تناثرت أشلاؤهم هنا كان بمقدورهم فتح بلاد تمتد من اليابان في الشرق إلى أوكرانيا في الغرب".

    وحينما رصدت روسيا 45.000 روبل للإيقاع بشامل كتب شامل خطابا إلى الجنرال الروسي على خط المواجهة، يقول فيه: "كم كانت سعادتي حين علمت أن رأسي تساوي هذا الثمن الضخم، ولكنك لن تكون سعيدا حينما أخبرك أن رأسك بل رأس القيصر ذاته لا تساوي لدي كوبيكا واحدا".

    شيطان موسكو في داغستان:
    قلاع المراقبة لجيش المريدين :
    وقع كفاح الإمام شامل ضحية التسويات الدولية؛ ففي عام 1856 انتهت الحرب التركية الروسية؛ وهو ما سمح لروسيا بالتركيز بقوتها على الجبهة القوقازية بقوة 200.000 رجل، وأوكلت المهمة إلى الجنرال الشاب بريتانسكي في وقت كان شامل قد تخطى من عمره الستين.

    وعكف بريتانسكي طويلا على دراسة الجغرافية العسكرية لمعارك الإمام شامل، وخلص إلى أن أهم الانتصارات التي حققها شامل لم تكن في أرض مفتوحة بل حينما كان يحتمي بالغابة والجبل. واختار سياسة أكثر حنكة عمن سبقوه، فتقرب إلى الأهالي، وأحسن معاملتهم، ومنع التعرض للنساء، ولغير المقاتلين؛ فضمن عدم انقلابهم عليه في حربه الفاصلة مع الإمام.

    وضغط بريتانسكي على قوات شامل حتى التجأ الأخير إلى الاحتماء بالغابات، وهنا سخّر فرقة عسكرية بأكملها لقطع أشجار الغابات. وبعمل دءوب وبجنود حملوا الفؤوس بدلا من السلاح أزال بريتانسكي مساحات واسعة من غابات داغستان والشيشان، وذلك على طول الطرق بين القلاع والحصون الروسية، وفشل جيش شامل في مهاجمة القلاع الروسية التي صارت أكثر حذرا تحت أعين بريتانسكي الساهرة. وبخطوات واثقة زحفت قوات بريتانسكي على المناطق الخاضعة لشامل، واستمال الروس عشرات القبائل التي أنهكتها الحرب، وبدأت في لوم شامل على ما أصابهم من فقر وتشرد.

    هكذا أسدل الستار

    وبدأت العقلية العسكرية المسنة تقع في الخطأ القاتل؛ فركن شامل إلى توقع الهجوم الروسي من مصدر محدد في وقت تمسك الروس فيه بسرية المعلومات، وحركوا جزءا من جيشهم أوهم شامل أنهم ما زالوا في منتصف الطريق، بينما انقضّوا عليه من اتجاه آخر بحرب خاطفة، وخدعوا الرجل الذي كان بارعا في هذا النوع من الهجوم. وحدث ما كان متوقعا، وأسر الإمام شامل، وتم نقله في رحلة طويلة إلى موسكو في موكب بدا وكأنه استعراض عسكري بالبطل الذي سقط أخيرا، وطالب المحاربون القدامى على طول الطريق من ستافربول إلى موسكو بأن يتحدثوا إلى ذلك العدو المهيب. وظل شامل في موسكو إلى عام 1869 حينما لُبّي طلبه بأداء فريضة الحج. ومرت رحلته من موسكو إلى كييف إلى القسطنطينية، ومنها إلى المدينة؛ حيث لقي ربه في 1871.

    وببلاغة منصفة عبّر المؤرخ تورناو عن الأجواء التاريخية بالقضاء على حركة الإمام شامل بوصفه اللحظات الأخيرة من آخر معركة بين الجانبين، قائلا: "...هكذا أُسدل الستار عن المشهد الأخير في هذا الحدث المأساوي. وتدفق الليل على هذه البقعة الدامية من الأرض. وعاد كل رجل من الجيش الروسي قانعا نفسه بأنه أدى الواجب. وحصل الممثلون الرئيسيون على الخلود. أما الباقون فقد عادوا إلى خيامهم يسألون أنفسهم: لماذا حدث كل هذا؟ أمن المستحيل أن يجد كل إنسان لنفسه مأوى يعيش فيه آمنا بغض النظر عن منطوق لسانه ومبادئ عقيدته؟".

    وبقى شامل حيا في التراث الشعبي القوقازي وفى الأغاني والأهازيج والقصص البطولية إلى اليوم رمزا لكفاح لم ينظر إلى موازين القوى ولا بحتمية النصر القريب، بل اعتقد في الرسالة السامية للسعي نحو الهدف، وإن تأخر بلوغه طويلا عله يأتي على يد جيل من الأحفاد. ولم يخب ظن الإمام شامل فتوالت الأجيال حتى اليوم تسعى إلى الحرية، ورغم أنها لم تحقق من الحرية شيئا فإنها على يقين بأن الحرية آتية ولو بعد حين.
    هذا ملخص صغير عن جهاد الصوفية قديمًا وحديثًا .

    للتوسع أكثر عن جهاد الصوفية:
    سأترككم مع بعض من رسالة كتبها الشيخ أسعد الخطيب سماها [الإطار الدفاعي عند الصوفية]:
    قال أسعد الخطيب المجاز في التاريخ عضو اتحاد المؤرخين العرب:
    يحتلّ التصوف جزءاً هاماً من تراثنا العربي الإسلامي بدليل وجود عدد كبير جداً من مخطوطات علم التصوف تزخر بها مكتبات العالم ولا غرابة في ذلك فقد شاع التصوف في العصور الإسلامية على اختلافها وأصبح اتجاهاً شعبياً مشكِّلاً بذلك تياراً فكرياً غلاباً منجباً كوكبة من العلماء ممن خلّفوا آثاراً قيِّمة لا تزال تعتز بها المكتبة الإسلامية.
    ومن قراءتي لما يكتبه بعض المعاصرين في هذا الميدان وجدت أن فريقاً منهم قد أصدروا أحكاماً عشوائية وعملوا على توجيه النقد غير المتبصر فزعموا أن التصوف خمول وكسل ومظهر من مظاهر الضعف فزلت بذلك أقلامهم ومن أمثلة ما كتبوا "والصوفية لم نر لهم جهاداً ولم نقرأ لهم استشهاداً"(1) وقد تزعم هذا الاتجاه معظم المستشرقين –ومع الأسف- مشى على خطاهم في إشاعة هذا المعنى بعض الباحثين العرب المحدثين فصار ذلك هو الفهم السائد لدى الكثيرين فوجدت أن تصحيح هذه المفاهيم الخاطئة لهي ضرورة علمية وتاريخية حقة وضرورة قومية إنسانية.
    وفي الحقيقة لست فقيهاً ولكني سأتناول الموضوع كدراسة علمية من الناحية التاريخية متوخياً الحقيقة مستنيراً في هذا الخصوص بما وقع في يديَّ من مراجع ومصادر. وعلى الرغم من أنها لا تشبع نهم الباحث فهي تزودنا ببعض الأخبار التي تسعى إلى تبديد الغيوم وإنارة الطريق.
    فما هو الجهاد؟ وما موقف الصوفية منه؟
    الجهاد: هو بذل الجهد في مدافعة الشر واستجلاب الخير.
    والعدو الذي نجاهد قد يكون ظاهراً وقد يكون خفياً، والإنسان مجاهد في الحالتين وقد وصف الرسول جهاد الإنسان للعدو الظاهر بأنه الجهاد الأصغر لظهور العدو والاستعداد لمنازلته.
    أما مجاهدة النفس ومحاربة الهوى فقد سماه الرسول الكريم : الجهاد الأكبر لاختفاء العدو وخداعه وطول وسوسته.
    وقد استطاعت الصوفية الجمع بين الجهاد القتالي وجهاد النفس. لأن هناك ترابطاً وثيقاً بينهما فالجهاد الأكبر تهذيب النفس وتوجيهها تجاه الخير وهي بذلك تستعد لملاقاة العدو ومنازلته. أما النفوس التي انحرفت وسارت مع الهوى فإنها لا تستطيع أن تواجه العدو ولا أن تصارع المعتدين(2)، وقد كانت الظروف المحيطة دافعاً قوياً للتركيز على طريق الحق والهداية. ويوضِّح ذلك ابن خلدون عند كلامه على نشوء علم التصوف قائلاً: "وكان ذلك عامّاً في الصحابة والسلف فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختصَّ المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة"(3)
    فقد انتشرت نزاعات ملأت تاريخ العصرين الأموي والعباسي وغرق بعضهم في ملذات الدنيا وكان لهذا الفعل رد فعل من العبَّاد والزهَّاد فسلك قسم منهم طريق الوعظ والتذكير بالحياة الأخرى واندفع القسم الآخر للمرابطة في العواصم والثغور التي وجدوا فيها راحةً لنفوسهم وتخليصاً من مشاهد تطاحن الأحزاب والفتن والتكالب على الدنيا. وقد تسنى لهم في هذه الثغور ممارسة رياضاتهم وجهادهم فأخذوا يستشعرون السعادة والرضا. وهم بذلك كما يقول: د.شوقي ضيف يصححون فكرة شاعت عن زهَّاد المسلمين وعبَّادهم أنهم كانوا سلبيين ظانين أن زهد المسلمين كان يفصلهم عن الحياة وهو ظنٌ واهمٌ فإنَّ زهَّاد المسلمين لم ينفصلوا عن الحياة بل كانوا يتصلون بها وكانوا يلبون دائماً نداء الوطن ويتقدمون الصفوف المجاهدة طلباً للاستشهاد في سبيل الله (4).
    ويفرد لنا ابن الجوزي فصلاً خاصاً في كتابه(صفوة الصفوة) للزهَّاد والصوفية الأوائل الذين رابطوا في العواصم والثغور في القرن الثاني للهجرة منهم: أحمد بن عاصم الأنطاكي وكان يقال له (جاسوس القلوب) لحدة فراسته ويصفه بأنه من متقدمي مشائخ الثغور.
    ومنهم أبو يوسف الغسولي الذي كان يغزو مع الناس بلاد الروم وهناك كثيرون أمثال أبي إسحق الفزاري وعيسى بن أبي إسحق السبيعي ويوسف بن إسباط وأبي معاوية الأسود (ت 199) هـ(5).
    ومن أقران آنفي الذكر عبد الله بن المبارك (ت 181هـ) قال عنه الخطيب البغدادي "وكان من الربانيين في العلم ومن المذكورين بالزهد.. خرج من بغداد يريد المصيصة – ثغر من ثغور الروم - فصحبه الصوفية..."(6). كان ابن المبارك "كثير الانقطاع محباً للخلوة"(7). وكان لا يخرج إلا إلى حج أو جهاد وقيل له ألا تستوحش فقال: "كيف أستوحش وأنا مع النبي صلى الله عليه وسلموأصحابه"(Cool. وقد صُدرت تراجم الصوفية باسمه، وفي حلية الأولياء سُئل ابن المبارك: من الناس؟ فقال العلماء. وقيل له: مَن الملوك؟ قال الزُّهَّاد. وهو أول من صنَّف في الجهاد وله كتاب الزهد والرقائق.
    ويعدّ إبراهيم بن أدهم إمام المتصوفين الروحانيين يذكره ابن عساكر بأنه كان فارساً شجاعاً ومقاتلاً باسلاً رابط في الثغور وخاض المعارك على البيزنطيين العدو الرئيسي للدولة الإسلامية الناشئة(9). وقد أثنى على ورعه وزهده الإمام أحمد بن حنبل والأوزاعي وسفيان الثوري وغيرهم واختلف في وفاته والأصح ما ذكره ابن كثير أنه توفي وهو مرابط في جزيرة من جزائر بحر الروم سنة (162هـ (10) وقد صحب إبراهيم وأخذ عنه الطريق شقيق البلخي.
    جاء في سير أعلام النبلاء وفي فوات الوفيات "قال حاتم: "كنا مع شقيق في مصاف نحارب الترك في يوم لا تُرى إلا رؤوس "تطير ورماح تقصف وسيوف تقطع فقال لي: كيف ترى نفسك يا حاتم في هذا اليوم؟ تُراه مثل ما كنت في الليلة التي زُفَّت إليك امرأتك؟ قال: لا والله قال: لكني والله أرى نفسي في هذا اليوم مثل ما كنت تلك الليلة ومات في غزوة كوملان (ما وراء النهر) (عام 194هـ) (11).
    ويترجم لنا صاحب شذرات الذهب عن علم آخر من أعلام الصوفية المجاهدين وهو حاتم الأصم واصفاً إياه "القدوة الرباني كان يقال له لقمان هذه الأمة توفي وهو مرابط على رأس سروَد على جبل فوق واشجرد"(12). عام 237هـ ويروي ابن العديم أنه في القرن الثالث الهجري تجمع الصوفية من كل صوب في ثغور الشام إذ وفدوا إلى هذه الثغور جهاداً في سبيل الله للوقوف في وجه البيزنطيين وأشهرهم أبو القاسم القحطبي الصوفي وأبو القاسم الأبّار وأبو القاسم الملطي الصوفي الذي صحب الجنيد(13) البغدادي.
    ونقرأ في تاريخ ابن عساكر عن إبراهيم بن علي الحسين العتابي الصوري (ت 471هـ) واصفاً إياه "شيخ الصوفية بالثغر. كان ذا سمت حسن وطريقة مستقيمة"(14).
    هذه بعض الأمثلة عن الرعيل الأول من الصوفية المجاهدين وإذا كان المجال لا يتسع هنا للاستكثار من الشواهد فهي موجودة في بطون أمهات الكتب العربية. وبالجملة فلم يقعد الزهد والورع الصوفية عن الجهاد في سبيل الله والتفتيش عن مرضاته والشوق إلى لقائه.

    وقد لخص لنا سيدي عبد الوهاب الشعراني توفي (973هـ) مبادئ الصوفية في الجهاد قائلاً : ((أُخذ علينا العهد من رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا دخلنا ثغراً من ثغور المجاهدين أن ننوي المرابطة مدة إقامتنا ولو لم يكن هناك عدو لاحتمال أن يحدث عدو)).
    (أُخذ علينا العهد من رسول الله صلى الله عليه وسلمأن نكرّم الغزاة والحارسين...).
    (أُخِذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلمأن نسأل ربنا أن نموت شهداء في سبيل الله لا على فرشنا فإن لم يحصل لنا مباشرة ذلك حصل لنا النية الصالحة... وحصل الأجر كاملاً).
    )أُخِذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا لم يُقسم لنا جهاد أن لا ننفر من الأمور التي تلحقنا بالشهداء في الثواب الأُخروي)(15) يصف ابن سينا الصوفي قائلاً "العارف شجاع كيف لا وهو بمعزل عن تقية الموت". "وجواد وكيف لا وهو بمعزل عن محبة الباطل". وصفّاح وكيف لا ونفسه أكبر من أن تجرحها ذلة بشر"(16).

    وجدير بالذكر أنه عندما ظهر التصوف ظهرت فيه بالإضافة إلى فضيلة التقوى مجموعة من الفضائل الأخرى المستمدة من الفتوة وهي فكرة الإيثار والتضحية واعتبرها المتصوفة من أوائل مبادئهم(17) حتى قال أحدهم لا يكون الصوفي كاملاً إلا إذا تفتى ويقول أحمد أمين: "أدخل الصوفية الفتوة في مذهبهم وصبغوها بصبغتهم وحملها على الحق مهما استتبع ذلك من مكاره(18) ويجب الإشارة أن العالم الصوفي أبا عبد الرحمن السلمي (ت 412هـ) أول من ألّف كتاباً في الفتوة.
    ويذكر لنا بعض المؤرخين نماذج من هذه الفتوة منها قول ابن خلّكان في ترجمة أبي القاسم القشيري (ت 465هـ) "كانت له في الفروسية واستعمال السلاح يد بيضاء"(19). ويقول صاحب شذرات الذهب في ترجمة السيد أحمد البدوي (ت 675هـ) " ما في أولياء مصر بعد محمد بن إدريس (الشافعي) أفتى منه "(20).

    ومع تضاعف نشاط الطرق الصوفية في عهد الاضطراب الذي خضع له العالم الإسلامي في العصور الوسطى تشكلت "الفتوات". في آسيا الصغرى وفي البلاد العربية واتضح هدف هذه الفتوات بالإعلان عن الجهاد الديني المقدس على التتر الصليبيين وأعداء الدين داخل البلاد وخارجها(21) حتى لُقِّب الصوفية فتيان الثغور. ولأن إقامتهم في هذه الثغور كانت تطول في بعض الأوقات عملوا متكاتفين على إقامة بيوتات صغيرة أشبه ما تكون بمخافر الحدود اليوم وكانت هذه نواة للربط التي انتشرت بكثرة فيما بعد للعبادة ورصد تحركات العدو. ذكر المقريزي (الرُبط: جمع رباط وهو دار يسكنها أهل طريق الله وهو بيت الصوفية ومنزلهم والمرابطة ملازمة ثغر العدو وقيل لكل ثغر يدفع أهله عمّن وراءهم رُباط. فالمجاهد المرابط يدفع عمن وراءه والمقيم في الرباط على طاعة الله يدفع بدعائه البلاء عن العباد والبلاد"(22).

    وقد لعبت الرُبط دوراً مهماً حيث برزت كمؤسسات للتربية العسكرية والدينية (فالناحية العسكرية ظهرت بسبب تواجد دول على حدود الدول المتربصة بالدول الإسلامية وتوافد غزاة المسلمين إليها من أنحاء الدولة الإسلامية يرابطون فيها فيتدربون عسكرياً ويحرسون ويشاركون في القتال وقد شبهها بعض الغربيين بالأديرة المحصنة) (23).
    ولم يقتصر وجود الرُبط على البرّ فإن صاحب خطط الشام يذكر أنه كان على امتداد سواحل الشام رباطات للنيل من الأعداء إن قدموا بحراً فأهل دمشق يرابطون في بيروت وأهل حمص في طرابلس وأهل القدس في يافا فبنوا المنارات وكلفوا حرساً تراقب قدوم العدو فإذا كان الوقت ليلاً أوقدت منارة ذلك الرباط وإن كان نهاراً دخنوا وقد ثبتت منارات متسلسلة فلا يكون ساعة إلا وقد حصل النفير بين الناس استعداداً لمنازلة العدو(24). وقد أحصى لنا الأربلّي (ت 726هـ) عدد الربط في دمشق وخارجها بواحد وعشرين رباطاً آخرها أنشأها ابن القلانسي بجبل الصالحية وتم بناؤه سنة 720هـ(25).
    بيد أن أشهرها رباط العالم المجاهد رسلان الدمشقي (ت 541هـ) صاحب الرسالة المعروفة في التوحيد والتصوف الذي لم يكن رباطه يقع داخل سور المدينة بل خارجها كأنه مخفر يأوي إليه حرس الحدود والذين يطوفون حول المدينة بعد إغلاقها ليلاً كي لا يكون هناك عدو مباغت وكان المريدون يترددون إلى رباطه يتعلمون فيه جميع أنواع الدراسة ويتدربون على الفنون الحربية للوقوف في وجه الصليبيين حتى لقّب الشيخ رسلان بحق (إمام السالكين وشيخ المجاهدين(26)) وحتى الآن لا يزال أهالي دمشق يرددون الأنشودة المعروفة (شيخ رسلان يا شيخ رسلان يا حامي البر والشام).
    ويورد الدارسون كلام الرحالة المقدسي (أنه في أواخر القرن الرابع الهجري كان في اسبيجاب في ما وراء النهر على حافة الحرب مع الترك ألف وسبعمائة رباط بينما كان في بيكند –ثغر بين بخارى وسمر قند- ألف رباط)(27).
    وإذا كان هذا العدد الضخم من الرباطات في ثغرين من ثغور الحرب فما بالنا بما كان في بقية الثغور؟
    ومن جليل أعمال الصوفية وآثارهم الحسنة في الأمة الإسلامية أن الملوك والأمراء متى قصدوا الجهاد كان مشايخهم يحرضون أتباعهم للمشاركة في رد العدوان وكان هؤلاء المريدون يسارعون بذلك لعظيم اعتقادهم وانقيادهم فيكون ذلك سبباً للظفر والنصر. ففي مصر يسطر لنا الشيخ أبو الحسن الشاذلي ) ت656هـ) مثالاً رائعاً عن مقاومة الصوفية للغزاة وتذكر كتب التاريخ مشاركته في معركة المنصورة سنة (647هـ) وقد التف حوله أتباعه(28). ومثل هذا يذكره ابن العماد في معرض كلامه على وفيات سنة (656هـ) "وفيها الشاذلي أبو الحسن المغربي الزاهد شيخ الطائفة الشاذلية كان ضريراً اشتغل بالعلوم الشرعية ثم سلك منهاج التصوف حتى ظهر صلاحه... قدم إلى اسكندرية في المغرب وصار يلازم ثغرها من الفجر إلى المغرب"(29). ومن أبرز تلامذة الشاذلي أبو العباس المرسي قال عنه ابن تغري بردي "الإمام العارف قطب زمانه... وكان من جملة الشهود بالثغر..."(30).
    وإن دور الإمام العز بن عبد السلام (ت 660هـ). في التحضير لمعركة "عين جالوت" (سنة 658هـ) معلوم للقاصي والداني فلم يمنعه تقدمه في السن من المشاركة في الاجتماعات مع السلطان وقادة الأمة وحثهم على ملاقاة التتار وفتواه في الجهاد مشهورة معروفة. ولا مجال للتردد أن العز كان صوفياً ونصوصه العديدة وكلام مترجميه قاضية بذلك.
    فقد حكى السيوطي أن: (سلطان العلماء) "لبس خرقة التصوف من الشهاب السهروردي"(31) (ت 632هـ).
    وذكر الذهبي واليونيني وغيرهما "أنه مع شدته وصلابته فيه حسن محاضرة بالنوادر والأشعار يحضر السماع ويرقص"(32). كما للعز كرامات كثيرة منها ما حصلت له أثناء غزو الإفرنج لمصر ورواها لنا السبكي في "طبقات الشافعية"(33).
    وقد تحدث رحمه الله في علوم القوم من الزهد والمحبة والجمال والجلال والفناء كما ذكر بإسهاب المعارف والأحوال والكرامات التي يختص بها الأولياء ولا يعلو مقامهم في هذه الأمور سوى الأنبياء(34). ويعتبر المجاهد العز بأن أهل التصوف هم أهل الحقيقة وفي بيان ذلك يقول: "وليست الحقيقة خارجة عن الشريعة فمعرفة أحكام الظواهر معرفة لجل الشرع ومعرفة أحكام البواطن معرفة لدق الشرع ولا ينكر شيئاً منها إلا كافر أو فاجر"(35).
    ويذكر أحمد أمين أن الشيخ محي الدين بن عربي الصوفي المشهور ) ت 638هـ) أُثر عنه أنه كان خلال الحروب الصليبية يحرض المسلمين على الجهاد ومقاومة الغزاة الصليبيين(36) ومن وصاياه قوله: "وعليك بالجهاد الأكبر وهو جهاد هواك فإنك إذا جاهدت نفسك هذا الجهاد خلص لك الجهاد الآخر في الأعداء الذي إن قتلت فيه كنت من الشهداء الأحياء الذين عند ربهم يرزقون... واجهد أن ترمي بسهم في سبيل الله واحذر إن لم تغز أن لا تحدِّث نفسك بالغزو..."(37(.
    وعلى الرغم من اشتغال ابن عربي بدقائق علم التصوف فإنه لم يقطع صلته مع قوّاد الدولة الكبار ومنهم الملك المظفر شهاب الدين غازي صاحب حلب توفي (613هـ) الذي كان مريداً للشيخ وحصل منه على إجازة في العلم(38) وقد أثنى عليه ابن عربي في بعض كتاباته بقوله: ما رفعت إليه حاجة من حوائج الناس إلا سارع في قضائها من فوره من غير توقف كانت ما كانت (39). ويذكر ابن شداد أن فتح عكا "تم ببركة قدوم الملك غازي بما أظهره من أعمال البطولة الخارقة واستبشر والده (صلاح الدين) بغرته وعلم أن ذلك بيُمن وصلاح سريرته"(40). ويصفه المؤرخون بأنه كان مهيباً ذا سياسة وفطنة ودولته معمورة بالعلماء والفضلاء حضر معظم غزوات والده وهو الذي جمع شمل البيت الأيوبي وكان ملجأ للغرباء وكهفاً للفقراء يزور الصالحين ويتفقدهم(41).
    قال عنه ابن الأثير: "أنه من خيار عباد الله"(42).
    وفي الواقع فإن الظاهرة الهامة في العصر الأيوبي هي انتشار الصوفية وطغيانها وتملكها مشاعر العامة وعواطفهم حتى بدت مظهراً دينياً خالصاً. ويفسر بعضهم أن ذلك يعود إلى كثرة الحروب والفتن وإلى نشوء مذاهب دينية تحوي بعض مبادئ الفوضى والهدم هذا فضلاً عن بدء تسرب جحافل الصليبيين إلى البلاد الإسلامية فوجد العامة في التصوف الملجأ والمخلّص مما هم فيه من المحن والهموم، ولقد عظم اعتقادهم في مشايخ الصوفية وخصوصاً عندما بدأ الضعف يدب في جسم الخلافة العباسية ومن هؤلاء على سبيل المثال: علي بن الحسين الواعظ (43).
    فقد أشار ابن كثير عند حديثه عن حوادث سنة 549هـ إلى الدور الكبير الذي قام به هذا الصوفي في الحث على تطهير البلاد من الصليبيين وقد توافد إلى رباطه المئات وأصبح ما يشبه اليوم ثكنة عسكرية. وكذلك كانت هناك علاقة وثيقة بين حكام البيت الزنكي والأيوبي وبين رجالات التصوف واتخذوا منهم خير سند في حروبهم مع الصليبيين فكان هؤلاء يشحذون همم الناس، ويستثيرونهم للجهاد فقد شجع نور الدين محمود زنكي (ت 569هـ) التصوف ورجاله عن عقيدة ورغبة حقيقية.
    ذكر أبو شامة: "وكان يحضر مشايخهم عنده ويقربهم ويدنيهم ويبسطهم ويتواضع لهم فإذا أقبل أحدهم إليه يقوم له مذ تقع عينه عليه ويعتنقه ويجلسه معه على سجادته ويقبل عليه بحديثه(44). وكان يقول: "هؤلاء جند الله وبدعائهم ننتصر على الأعداء"(45).
    ويصف لنا ابن خلِّكان نور الدين (زنكي) هذا بأنه كان ملكاً عابداً زاهداً ورعاً مجاهداً في سبيل الله وقد لامه بعض أصحابه على تكريمه للصوفية فغضب غضباً شديداً وقال: "إني لا أرجو النصر إلا بأولئك... كيف أقطع صلات قوم يقاتلون بسهام لا تخطئ..."(46).
    والناس في الحقيقة لا يعرفون إلا اليسير عن نور الدين الرجل العظيم الذي سبق صلاح الدين (الأيوبي) ومهّد لانتصاراته على الصليبيين وجعلها ميسورة وذلك باتباع سياسة خارجية قائمة على توحيد البلاد وسياسة داخلية قائمة على التربية الروحية الخالصة. "فبنى الربط والخانقاهات في جميع البلاد للصوفية ووقف عليها الوقوف الكثيرة وأدرّ عليهم الإدارات الصالحة"(47). وتذكر كتب التاريخ أنه كان متقشفاً وقد يقترض أحياناً المال جاعلاً من الجهاد وسحق الصليبيين كل مسوّغ وجوده وكما يقول أحد المستشرقين المنصفين "نذر نور الدين حياته للحرب المقدسة متفانياً فيها بحماسة الصوفي العنيدة"(48). ومما قيل في شعره:

    ذو الجهادين من عدو ونفس
    أنت حيناً تقاس بأسد الور
    فهو طول الحياة في هيجاء
    د وحيناً تعدّ في الأولياء(49)

    وعندما فتح الموصل سنة 566هـ قصد الشيخ عمر الملاّ في زاويته وكان يستشيره في أموره ويعتمد عليه في مهماته وعندما غادر الموصل أمر الولاة والأمراء بها أن لا يفعلوا أمراً حتى يعلموا الملاّ به(50) وهناك حكاية يرويها لنا ابن كثير مفادها (أن أُناساً سمعوا الفرنج يقولون (إن القسّيم ابن القسّيم) يعنون نور الدين له مع الله سر فإنه لم يظفر وينصر علينا بكثرة جنده وجيشه... وحسبه ما قاله عنه ابن الأثير لم يكن بعد عمر بن عبد العزيز مثل الملك نور الدين)(51) ولذلك لا غرابة أن نجد صاحب طبقات الحنفية وغيره يقول: إن الدعاء عند قبره مستجاب (52).
    وقد سار صلاح الدين الأيوبي (ت 589هـ) على الدرب نفسه الذي سلكه نور الدين فقبل أن يشرع بتخليص البلاد من براثن الصليبيين بقي اثنتي عشرة سنة ( (570-582 هـ يعمل من أجل تحقيق الوحدة وإعداد قوة ا
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    https://islem-ihsen.forumarabia.com
     
    جهاد الصوفيين عبر التاريخ
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » جرائم الوهابية عبر التاريخ

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتديات الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه  :: التصوف الإسلامي الحق/تبيين ظلالات السلفية الأنياب. :: التصوف الاسلامي-
    انتقل الى: