بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عقيدة أهل السنة والجماعة ( الأشاعرة والماتريدية و الأثرية )
كتاب: (عقيدتنا)
( الدين )
بتوفيق الله تعالى ونعمته نشهد نطقاً باللسان واعتقاداً بالقلب أن الدِّينَ منهج رباني يهدي الإنسان إلى كمال إنسانيته، ويقوده إلى رضوان ربه ، وسعادته في الدنيا والآخرة .
وأنَّ الرسل عليهم الصلاة والسلام كانوا واسطةَ تبليغِهِ إلى الناس .
وأن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم كان خاتَمَهم ، فنُسِخَتْ بشريعته كل الشرائع ، وجُمعت برسالته كل الرسالات .
ونشهد أن الدين مجموع من ( الإِسْلامِ ، والإِيمَـانِ ، والإِحْسَان ) .
فالإسْلامُ يعني استسلامَ الإنسان لأحكامِ اللهِ تَعَالى التي أنزلها إليه فنظمت سلوكه وهذبته .
وقد بني على :
- شَهَادَةِ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ.
- وإقَامةِ الصلاةِ .
- وأداءِ الزَّكَاةِ .
- وصَوْمِ رَمَضَانَ .
- والحجِّ إلى بَيْتِ الله الحرام عند الاستطاعة .
والإيمَانُ يعني تصْديقَ القلب ورضاه بِاللهِ رَبّاً وَبالإسْلامِ دِيْناً وَبِالقُرْآنِ إِمَاماً وبمُحَمَّدٍ نَبِيّاً وَرَسُولاً.
وقد بني على :
الإيْمَانِ بِاللهِ تعالى ، وَمَلائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلهِ ، وَاليَومِ الآخِرِ ، وَالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنَ اللهِ تَعَالَى .
والإِحْسَانُ يعني أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
( التوحيد )
ونشهد أن التوحيدَ هو إفراد المعبود بالعبادة ، مع اعتقاد وحدانيته تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله .
وأنَّه الأصل الذي جبل الإنسان عليه.
قال تعالى :
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ .
وقال تعالى :
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لايَعْلَمُونَ
وقال صلى الله عليه وسلم :
كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينَصِّرَانِه
( وجوده تعالى )
ونشهد أن الله تعالى هو الحق ، وأن وجودَه حقيقةٌ مطلقة ثابتة بالكتاب والسنة .
قال تَعَالَى :
فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إَِّلا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ .
وقال تَعَالَى :
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ .
وكان النبي يقول في دعائه :
أنت الحق .
وحقيقة وجوده تعالى تهتدي إليها كل العقول السـليمة :
لأنَّ العقولَ لا تتصَوَّرُ حُصُولَ كِتَابَةٍ مِنْ غَيْرِ كَاتِبٍ ، وَلا بِنَاءٍ مِنْ غَيْرِ بانٍ ، فَكَيْفَ تتَصَوَّرُ أَنَّ الكَوْنَ بِكُلِّ مَا فِيْهِ مِنْ إِتْقَانٍ في سماواته وأرضه ، وشموسه وَأَفْلاكِـهِ ، وَنَبَاتِهِ وَحَيَوَانِهِ ؛ لا يَدُلُّ عَلَى وجود صَانِعٍ أَبْدَعَهُ وَسَوَّاهُ ؟!
( أوليته وأزليته تعالى )
ونشهد أن الله تعالى هو الأول فلا ابْتِدَاءَ لِوُجُوُدِهِ وليس قبله تعالى شيء .
قال تَعَالَى :
هُوَ الأَوَّلُ .
وقال صلى الله عليه وسلم :
كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ .
( آخريته وبقاؤه تعالى )
ونشهد أن الله تعالى هو الآخر فلا انْتِهَاءَ لِوُجُوُدِهِ وليس بعده تعالى شيء .
قال تَعَالَى :
هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ .
وقال تعالى :
وَيَبْقَـى وَجْـهُ رَبـِّـكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ .
( تنـزهه تعالى عن مماثلة المخلوقات )
ونشهد أن الله تعالى لا تشبهه مخلوقاته ولا تماثله من أي وجه أو اعتبار .
تنـزه عن الحاجة إلى المَكَانِ والزمان ، وتنـزه عن الحلول في الكون وعن الاتحاد به ، فلا يَحُلُّ في الكون إلا كـونٌ ، ولا يتحد بالكون إلا كونٌ .
قال تَعَالَى :
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ .
وقال تَعَالَى :
سُبْحَانَ ربِّكَ رَبِّ الْعِزَّة ِ عَمَّا يَصِفُونَ .
وقال تَعَالَى :
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ .
( غناه تعالى )
ونشهد أن الله تعالى غني عما سواه فهو تعالى القيوم الذي أقام كل شيء ، فلا يفتقر إلى شيء ، و إليه يفتقر كل شيء .
قال تَعَالَى :
يَا أيهَا النَّاسُ أنتمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ .
( وحدانيته تعالى )
ونشهد أن الله تعالى واحد في ذاته وصفاته وأفعاله ، فلَيْسَ مَعَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شَريك ، وهو المُنْفَرِدُ وحدَه بالأَفْعَالِ كَلِّهَا في الكون ، لا فعل لأحد مع فعله ، ولا يُشَارِكُهُ فِي فِعْلٍ مِنَ أَفْعَالِه أحدٌ.
والمخلوقاتُ وصفاتُها وَأَفْعَالُهَا هِي مِنْ خَلْقِه تعالى ومِنْ أَفْعَالِهِ .
والأسبابُ التي ألِفَ الإِنْسَانُ بالعادة والتَّكْرَارِ أَنها تَقْتَرِنُ بمُسَبَّبات ؛ كَالدَّوَاءِ الذي اعْتَادَ الإِنْسَانُ أَنهُ يَقْتَرِنُ بِالشِّفَاءِ ، وَالطَّعَامِ الذي اعْتَادَ الإِنْسَانُ أَنهُ يَقْتَرِنُ بالشِّبَع ، وَالنَّار التي اعْتَادَ الإِنْسَانُ أَنها تقْتَرِنُ بالإحْـرَاقِ ، وَالشَّمْسِ التي اعْتَادَ الإِنْسَانُ أَنها تقْتَرِنُ بالضِّيَاءِ ، وَالسِّكِّينِ التي اعْتَادَ الإِنْسَانُ أَنها تقْتَرِنُ بالقَطْعِ ؛ كلُّها لَيْسَ لها تَأَثِيرٌ بنفسها ولا أودعَ الله تعالى فيها قوةً لتؤثّر بها ، فاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى واحِدٌ في أَفْعَالِه يَخْلُقُ المُسَبَّبَ عَنْدَ وُجُودِ السَّبَبِ المعتادِ، وَقَدْ يَخْلقُ المُسَبَّبَ مِنْ غَيرِ سَبَبٍ خَرْقاً لِلْعَادَةِ كخلقه تعالى الإحراق من غير نار .
وَقَدْ يَخْلُقُ السَّبَبَ مِنْ غَيرِ مُسَبَّبٍ خَرْقاً لِلْعَادَةِ أَيْضاً كخلقه تعالى النار من غير إحراق .
قال تعالى :
وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إَِّلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ .
وقال تعالى :
اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ .
وقال تعالى :
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ .
( قدرته تعالى )
ونشهد أن الله تعالى قادر وأنه متصف بقُدْرَةٍ وَاحِدَةٍ مطلقة ، قَدِيمَةٍ ، بَاقِيَةٍ ، لا تشبهها قُدْرَة المخلوق ، يُوْجِدُ المَوْلَى بِهَا المخلوقات وَيُعْدِمُها كما يشاء .
قال تَعَالَى :
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
( إرادته تعالى )
ونشهد أن الله تعالى فعال لما يريد يخلق ما يشاء ويختار وأنه تعالى متصف بإرادةٍ وَاحِدَةٍ مطلقة ، قَدِيمـةٍ ، بَاقِيَةٍ ، لا تشبهها إرادة المخلوق .
قال تَعَالَى :
إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ .
وقال تعالى :
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُـبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ .
( علمه تعالى )
ونشهد أن الله تعالى عليم وأنه تعالى متصف بعلم وَاحِدٍ مطلقٍ، قَدِيمٍ ، بَاقٍ ، لا يشبهه علم المخلوق ، يعلمُ المَوْلَى بِهِ من الأزل ما كان وما يكون وما لا يكون ، ولا يخفى عليه تعالى منه شيء .
قال تَعَالَى :
إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .
وقال تَعَالَى :
أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا .
وقال تَعَالَى :
وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أنثـى وَلا تَضَـعُ إَِّلا بعِلْمِهِ .
( حياته تعالى )
ونشهد أن الله تعالى حيٌّ وأنه تعالى متصف بحياةٍ وَاحِدَةٍ مطلقة ، قَدِيمَةٍ ، بَاقِيَةٍ، لا تشبهها حياةَ المخلوق .
قال تعالى :
هُوَ الْحَيُّ .
( سمعه تعالى )
ونشهد أن الله تعالى سميع وأنه تعالى متصف بسمع وَاحِدٍ مطلقٍ، قَدِيمٍ ، بَاقٍ، لا يشبهه سمع المخلوق ، يسمع المَوْلَى بِهِ جميع الموجودات .
قال تَعَالى :
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ .
وَقَال تَعَالَى :
إِنهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ .
( بصره تعالى )
ونشهد أن الله تعالى بصير وأنه تعالى متصف ببصر وَاحِدٍ مطلقٍ، قَدِيمٍ ، بَاقٍ ، لا يشبهه بصر المخلوق ، يبصر المَوْلَى بِهِ جميع الموجودات .
قال تَعَالى :
إِنهُ بِكُلِّ شَيءٍ بَصِيرٌ .
وقال تَعَالَى :
إِنهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ .
وقال تعالى :
أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى .
( كلامه تعالى )
ونشهد أن الله تعالى متكلم وأنه تعالى متصف بكلامٍ وَاحِدٍ مطلقٍ، قَدِيمٍ ، بَاقٍ، لا يشبهه كلام المخلوق ، دلَّ المَوْلَى بِهِ على كلِّ ما كان وما يكون وما لا يكون.
قال تَعَالَى :
وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا .
والذي كُتِبَ في المُصْحَفِ الشَّرِيفِ وَالذي سُمِعَ عند قراءته دالٌّ عَلَى كَلامِ اللهِ القَدِيْمِ إِجمَالاً وَعَلَى بَعْضِ ما دلَّ عليه الكلامُ القديمُ تَفْصِيلاً .
وكما أننا إِذَا ذَكَرْنَا اللهَ تَعَالَى كَانَ ذِكْرُنا مخلوقاً مع أنَّ المَذْكُورَ قَدِيمٌ ، فَكَذَلِكَ إِذَا قَرَأنا القُرْآنَ ؛ قِرَاءتُنا مخلوقةٌ مع أنَّ المَقْرُوءَ قَدِيم .
( صفاته تعالى المتشابهة )
ونشهد أن الله تعالى متصف بصفاتٍ أخبر عنها الكتاب والسنة تليقُ بذاته الأقدسِ سبحانه ، قد يتوهم الجاهلُ عند سماعِ ألفاظها مشابهته تعالى للمخلوقات ، كالوجه واليد والعين والأعين .
فنحن نؤمن بها ، ونلتزم التنـزيه ، ونتبرأ من التجسيم ، ونعتقد أنَّ لها معنىً يليق بالله تبارك وتعالى .
قال تعالى :
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ .
وقال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ .
وقال تعالى :
وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي .
وقال تعالى :
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا .
( أسماؤه تعالى )
ونشهد أن لله تعالى الأسماءَ الحسنى ، وقد أخبرنا عنها الكتاب والسنة فمنها ما يدُل على أوصاف ذاته العلية ، ومنها ما يدُل على صفات أفعاله السَنِيَّة .
من أمثلة ما يدل على أوصاف ذاته العليـة :
الحَقُّ والقُدّوسُ والسّلاَمُ والأوّلُ والآخِرُ والبَاقِي والوَاحِدُ والحَيّ والعَلِيمُ والقَادِرُ والمُقْتَدِرُ والقَوِيّ والمَتِينُ والسّمِيعُ والبَصِيرُ .
كل منها يدل على وصفٍ من أوصاف ذاته تعالى الأقدس ، إما نفياً لمحال ، أو إثباتاً لكمال .
ومن أمثلة ما يدل على صفات أفعاله السَنِيَّة .
الخَالِقُ والبَارِئُ والمُصَوّرُ والغَفّارُ والقَهّارُ والوَهّابُ والرّزّاقُ والفتّاحُ والقَابِضُ والبَاسِطُ والخافضُ والرّافِعُ والمعزّ والمذِلُّ والمُبْدِىءُ والمُعِيدُ والمُحْيي والمُمِيتُ والمُقَدّمُ والمُؤَخّرُ والبَرّ والتّوّابُ والهَادِي والمنتقم والعَفُوّ والمُغْنِي والمَانِعُ والنّافِعُ والضّارّ ...
كلٌّ منها يدلُّ على وصف ٍمن أوصافِ أفعاله سـبحانه .
( أفعاله تعالى )
ونشهد أن أفعال الله تعالى كثيرة لا حصر لها ، وهو سبحانه في جميعها لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ .
ليس شيء منها واجب على الله تعالى ، ولا يمتنع عليه تعالى منها شيء .
قال تعالى :
كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ .
ودلَّ في خبره على بعض أفعاله كالخلق والرَّزْقِ والإماتة والإحياء .
قال جل من قائل :
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ .
( ملائكة الله تعالى )
ونشهد أن ملائكة الله تعالى مخلوقات نُوْرَانِيَّةٌ .
قال تعالى :
لا يَعْصُـونَ اللَّهَ مَا أمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ .
أَخْبَرَنَا اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِالْجُمْلَةِ وَأَخْبَرَنَا عَنْ بَعْضِهِمْ تَفْصِيلاً .
فمن إخباره الإجمالي قوله تعالى :
الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
وقوله تعالى :
وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
وقوله تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ .
وقوله تعالى :
وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ .
وقوله تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنثَى ، وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا .
وقوله تعالى :
اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ .
وقوله تعالى :
تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ .
ومن إخباره التفصيلي قوله تعالى :
قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ، مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ .
وقوله تعالى :
قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ .
وقوله تعالى :
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ .
وقوله تعالى :
وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ .
وقوله تعالى :
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ .
وقوله تعالى :
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ .
وقوله تعالى :
إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ، مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ .
وقوله تعالى :
وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ .
وقوله صلى الله عليه وسلم :
كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدْ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَاسْتَمَعَ الْإِذْنَ مَتَى يُؤْمَرُ بِالنَّفْخِ فَيَنْفُخُ فَكَأَنَّ ذَلِكَ ثَقُلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ قُولُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا
وقوله صلى الله عليه وسلم :
إذا قبر الميت - أو قال أحدكم - أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير .
وقوله صلى الله عليه وسلم :
إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه. .
( كتب الله تعالى )
ونشهد أن الله تعالى أنزل كتباً كريمة قيِّمة .
فكان فيها الوَعْدُ وَالوَعِيْدُ ، وَالأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي ، وَالقَصَصُ وَالعبَر ، وَكان كُلُّ مَا فِيْهَا حَقّاً ثابِتاً لا شَكَّ فِيْهِ وَلا رَيْبَ .
أَخْبَرَنَا مولانا سبحانه وتَعَالَى عَنْ تلك الكتب الكريمة بِالْجُمْلَةِ وَأَخْبَرَ عَنْ بَعْضِهَا تَفْصِيْلاً .
فمن إخباره الإجمالي قوله تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا .
ومن إخباره التفصيلي قوله تعالى :
نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ ، مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ .
وقوله تعالى :
وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا .
وقوله تعالى :
إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى ، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى .
( رسل الله تعالى )
ونشهد أن الله تعالى أرسل من البشر رسلاً اختارهم من خيرة خلقه
هم رِجَالٌ مِنَ البَشَرِ بعثهم الله تَعَالَى لإِرْشَادِ عِبَادِهِ ، أَخْبَرَ عَنْهُمْ سبحانه وتَعَالَى بِالْجُمْلَةِ ، وَأَخْبَرَ عَنْ بَعْضِهِمْ تَفْصِيْلاً .
وعلينا الإيمان بما أخبر به سبحانه .
فمن إخباره الإجمالي قوله تعالى :
وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا .
وقوله تعالى :
وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ .
ومن إخباره التفصيلي قوله تعالى :
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ .
وقوله تعالى :
وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ .
وقوله تعالى :
وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ، وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاً هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ .
وقوله تعالى :
يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَـبِيّاً .
وقوله تعالى :
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً .
وقوله تعالى :
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ .
وقوله تعالى :
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ .
وقوله تعالى :
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ .
( اليوم الآخر)
ونشهد أن الله تعالى يجمع الخلائق في اليوم الآخر الذي هُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ يوم يقوم النَّاسُ فِيْهِ مِنْ قُبْورِهِمْ ، ويوم يقومون فيه بَيْنَ يَدَيْ خَالِقِهِمْ ، والذي هو يَوْمُ النُّشُورِ حيث فيه يُنشر النَّاسُ ، وَالذي هُوَ يَوْمُ العَرْضِ حيث فيه يُعْرَضُ الناس ، وَالذي هُوَ يَوْمُ الْمَوْقِفِ حيث فيه يَقِفُ الناس .
قال تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا .
نصدِّقُ أَنَّ البَعْثَ فِي هذا اليوم حَقٌّ وَأَنَّ النَّشْرَ حَقٌّ وَأَنَّ الحَشْرَ حَقٌّ وَأَنَّ الوُقُوْفَ حَقٌّ وَأَنَّ الشَّفَاعَةَ حَقٌّ وَأَنَّ الحِسَابَ حَقٌّ وَأَنَّ الكُتُبَ حَقٌّ وأَنَّ الوَزْنَ حَقٌّ وَأَنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَأَنَّ الحَوْضَ حَقٌّ وَأَنَّ دُخُوْلَ أَهْلِ الجَنَّةِ في الجَنَّةِ حَقٌّ وَأَنَّ دُخُوْلَ أَهْلِ النَّارِ في النَّارِ حَقٌّ وَأَنَّ رُؤْيَةَ المُؤْمِنِيْنَ لِرَبِّهِمْ حَقٌّ وَأَنَّ حَجْبَ الكُفَّارِ عَنْ رَبِّهِمْ حَقٌّ وَأَنَّ جَمِيْعَ أَهْوَالِ الآخِرَةِ حَقٌّ وَأَنَّ جَمِيْعَ نَعِيْمِهَا حَقٌّ .
( القدر )
ونشهد أن القدر حق ، ونعتقدُ أنَّ كُلَّ مَا أَصَابَنَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ وَنَفْعٍ وَضُرٍّ ، هو مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى أَوْقَعَهُ عَلَيْنَا بِقُدْرَتِهِ وفق إِرَادَتِهِ وعلمه ، ودَلَّ عَليهِ كلامُهُ القديم .
ونشهد أنَّ الإِيمَانَ بالقَضَاءِ وَالقَدَرِ هوَ مِنْ أَرْكَانِ الإِيمَانِ .
( خاتمة )
وفقنا الله تعالى لزيادة الإيمان ، ورزقنا القبول والرضوان ، وجعل منتهانا إليه في جنته مع المصطفى العدنان .
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين .
د. محمود أبو الهدى الحسيني - حفظه الله -