السرطان مرض يصاحب معظم الأحياء بطريقة أو بأخرى. وكلنا يعرف شخصا مصابا بهذا المرض وتبدو الصورة العامة غير مشجعة مع ارتفاع معدل الاصابة عاما بعد عام.
هذه الزيادة المطردة تتضح جليا بفضل حقيقة أن السكان يكبرون في السن بمعدل ثابت لكنها ترتبط أيضا بأساليب الحياة غير الصحية والتدخين والسمنة.
ومن ثم فماذا عن أسلافنا؟ هل واجهوا قصرا في العمر بسبب السرطان أم كانوا أصح من الانسان العصري؟
وتشير الأبحاث التي أجريت على هياكل عظمية تعود إلى آلاف السنين إلى أن السرطان لم يكن في هذه الآونة شيئا يواجهه هؤلاء الأشخاص بشكل متكرر.
وأجرى الدكتور ماريو سلاوس من الأكاديمية الكرواتية للعلوم والفنون في زغرب اختبارات على بقايا هياكل عظمية لأكثر من 3 آلاف شخص للتوصل إلى دليل بشأن الأورام المتمثلة في نمو نسيجي غير طبيعي يصعب التحكم فيه.
وتعود العظام الموجودة في الأكاديمية من عام 5300 قبل الميلاد إلى القرن التاسع عشر بعد الميلاد وجمعت من مواقع أثرية من مختلف أنحاء كرواتيا.
وأظهر التحليل أربع حالات من الأورام في ثلاثة أو أربعة أشخاص تتراوح أعمارهم من 50 إلى 60 عاما.
وكشفت النتائج عن إصابة الحالات الأربع بأورام عظمية لكنها جميعا كانت حميدة مع وجود احتمال بسيط لأن تتحول إلى أورام خبيثة.
وقال الدكتور سلاوس: "لم نعثر على دليل بوجود أورام عظمية ثانوية في أي شخص في المجموعة وهو عامل يمكن أن نستوضحه من حقيقة أن متوسط العمر بالنسبة للوفاة في الأشخاص هو 35.6 عاما".
وأضاف: "أورام العظام الخبيثة والحميدة نادرة نسبيا حتى في صغار السن الذين يرتفع لديهم حدوث هذه الأورام بينما ترتبط أورام العظام الثانوية بكبر السن رغم أنها أكثر شيوعا ".
أساليب حياتية عصرية
وجهة نظر الدكتور سلاوس تتمثل في أن سبب الوفيات المبكرة لأسلافنا ربما يرجع إلى أمراض شائعة وأنهم ربما لم يعيشوا فترة كافية حتى يتمكن السرطان منهم.
وأوضحت الدراسة أن متوسط العمر المتوقع في القرن الحادي والعشرين أكبر مما سجله في الماضي ويرجع هذا في الأساس إلى أساليب التغذية الأفضل وتحسن الوعي الصحي وتعزيز الصحة العامة ومزيد من الرعاية الصحية المتاحة.
لكن على الرغم من ذلك فإن الزيادة في طول العمر ترتبط بزيادة الاصابة بالسرطان.
ويعد التدخين أحد العوامل المرتبطة بتطور الاصابة بالسرطان في الغرب (والتي تقول التقديرات إنه يتسبب في نحو 30 بالمئة من وفيات السرطان).
وعلى الرغم من ذلك فإن هذه العوامل يمكن أن تستغرق سنوات عديدة حتى تحقق تطورا في مجال الأورام المتعلقة بالأعراض ومن ثم يظهر كبار السن معدل اصابة أعلى من المرض بشكل طبيعي.
وقال الدكتور سلاوس: "الأشخاص في مجموعة الهياكل العظمية الكرواتية كانوا عرضة للاصابة بأمراض مثل الزهري والسل والجذام ووجدنا دليلا على جميع هذه الحالات في المجموعة".
وأضاف: "وقد ساهمت جميع هذه الأمراض وغيرها بشكل كبير في وفيات أسلافنا".
واستطرد الدكتور سلاوس قائلا: "يمكن النظر إلى التحول من هذه الأمراض القديمة إلى العصرية مثل السرطان على أنها جزء من تطور مجتمعاتنا لكن مع الأمراض القديمة نستطع الذهاب بطريقة أو بأخرى لمكافحة مرض السرطان العصري من خلال تعليم الأشخاص بمخاطر المرض وتشجيعهم على السير على أسلوب حياتي صحي".
بعض الناس يربطون بين التدخين والسرطان، والبعض الآخر ينفي وجود أي علاقة بين الاثنين.
خيارات صحية
وقال مركز أبحاث السرطان البريطاني إنه من غير المفاجيء أن نجد حدوث منخفض للسرطان في مجموعة من الأشخاص متوسط عمر الوفيات لديهم 35 عاما.
ومن جانبه قال الدكتور الاين فيكرز المسؤول في جمعية المعلومات العلمية: "السرطان هو مرض كبار السن في المقام الأول لأنه يحدث نتيجة تلف العامل الوراثي (DNA) الذي يتجمع خلال فترة حياة الشخص. وفي الحقيقة فإن 65 بالمئة من السرطان يحدث في أشخاص فوق 65 عاما".
وأضاف: "بسبب زيادة متوسط العمر المتوقع بمعدل الضعف تقريبا في بريطانيا منذ منتصف القرن التاسع عشر ازدادت أعداد المعرضين لخطر الاصابة بالسرطان أيضا. وتأثرت مخاطر إصابتنا بالسرطان أيضا بسبب البيئة التي نعيش فيها والنظام الحياتي الذي نعيشه".
واستطرد فيكرز قائلا: "فعلى سبيل المثال يعتبر التدخين السبب الأكبر للاصابة بالسرطان حيث لم يبدأ الانتاج الكبير للسجائر غير في أواخر القرن التاسع عشر. وبامكانك التقليل من خطر الاصابة بالسرطان بعدم التدخين مع تناول كميات كافية من الفاكهة الطازجة والخضراوات والتقليل من شرب الكحول والحفاظ على وزن صحي وحماية الجلد من تأثيرات الشمس الضارة".
وكانت الحياة صعبة بالنسبة للأشخاص الذين تقع بقاياهم في الأكاديمية الكرواتية.
وبالمقارنة نجد أن حياتنا أسهل إلى حد ما ونستطيع التحكم فيها بشكل أكبر لكن لأننا عادة ما نقبل بالوضع فإننا عرضة لخطر المساهمة في وباء السرطان.
وكلما بكرنا في التغيير من عاداتنا كلما كان الوضع أفضل وربما أعطينا علماء المستقبل شيئا آخر يستطيعون التحدث عنه.
عن البي بي سي