سيدي محمد المدني (ولد سنة1888-توفي سنة 1959) تونس
السيرةوُلدَ الشيخُ محمد المدني بن خليفة بن حسين بن الحاج عمر خلف الله سنة 1307هج/م1888 في أسرة فلاحيّة متواضعة بقصيبة المديوني. زاول تعلُّمَهُ الأوَّلي في كُتّاب القرية حيث حفظ القران وتلقَّى مبادئ اللغة العربية قبل أن يلتحق بجامع الزيتونة بالعاصمة التونسية حيث تتلمذ على علماء معروفين مثل شيخ الاسلام المالكي، سيّدِي بلحسن النجّار والعلامة الشيخ الطاهر بن عاشور.
التقى الشيخ محمد المدني بالشيخ أحمد العلاوي أثناء زيارة هذا الأخير لتونس فأخذ عليه العهد ثم ما لبث أنْ صحبه الى الجزائر حيث تجرَّد هناك لمدة ثلاث سنوات متقطّعة أفاد خلالها الفقراء العلويين بعلومه ومعارفه الجمّة ثم عاد الى تونس وبدأ في نشر الطريق منذ 1910 حيث بنى زاويةً واستمرَّ على توسيعها فصارت المركز الأساسي للطريقة المدنية.
وتولَّى بعد عودته من الجزائر التدريس، لمدة خمس سنوات، بمدرسة قرآنية فُتحت بالمنستير. وتزوَّج سنة 1918 بأم الفقراء السيدة هنونة العتيل وأنجب منها خمس بنات وأربعة أولاد مات منهم ثلاثة في حياته. وحجَّ الشيخ محمد المدني مرتين سنة 1929 و سنة 1955.
والتحق إلى جوار ربّه في 14 ماي 1959 اثر مرض قصير.
الأعمالقضى الشيخ محمد المدني كلَّ حياته في الذّكر والمذاكرة والتدريس فهو لم يفتأ بين مجالس الذكر التي تكاد تكون منظمة بشكل يومي في الزاوية المدنية بقصيبة المديوني وفيها يدرَّسُ القرآنُ والفقه والتصوّف و فيها يجتمع للذكر والمذاكرة. وكثيرا ما كان الشيخ يتنقَّل بين المدن والأرياف التونسية للدعوة الى الله و تبليغ رسالته ولم تخلُ سياحاته المنتظمة والمتصلة من تدريس للفقه وتعليم لأصول الدين. وهكذا فإن أعمال الشيخ تتلخَّص في تهذيب نفوس الفقراء الذين كانوا يقصدونه من كل مناطق البلاد سعيا لمعرفة الله.
الآثارصنَّف الشيخ محمد المدني في كافة فنون المعرفة ولمْ يَترك علما إلا وألَّف فيه إذا مكنه تكوينه الديني واللغوي المتين من تعاطي تفسير القرآن والحديث و إصدار الفتاوى، حسب المذهب المالكي، إلى جانب الشعر والرسائل والحكم الصوفية.
امتاز أسلوبه في التفسير بالوضوح والسلاسة إلى جانب الجمع بين المعاني الظاهرة والمعاني الباطنة وأهمُّ أعماله:
تفسير القرآن 1- المعرفة الواضحة في تفسير سورة الفاتحة، 1921
2- الروضة الجامعة في تفسير سورة الواقعة، 1929
3- رسالة النور (في تفسير آية الله نور السماوات)، 1949
الحديثشرح الشيخ بضعة أحاديث عن طريق الإشارة:4- اللحظة المرسلة عل حديث حنظلة 1923
5- حديث العشق (الديوان)
كما ألف في بيان شرعية آداب الطريق وتوضيح الحجج الدينية للأنشطة التي يزاولها الصوفية في مختلف العصور الإسلامية.
التصوف6- برهان الذاكرين 1921
7- هدية الإخوان في الإيمان والإسلام والإحسان 1919
8- منهل التوحيد
9- رسالة تحفة الذاكرين وحكم العرفين 1950
10- جواهر المعاني
الفقه11- الأصول الدينية 1918
12- الفتاوى
13- اللباب في إثبات الحجاب 1929
البلاغة14- الجوهر المكنون.
شعر (الواردات)15- ديوان أنيس المريد
و يدل هذا العرض الموجز لمؤلفات الشيخ على تعرضه لكافة الميادين وطول باعه فيها رغم أن هذه المؤلفات حررت، في الغالب، بشكلٍ وجيزٍ
الأفكار
صاغ الشيخ مجموعة من الأفكار النيرة التي تشكلت منها طريقته فهو يؤكد أولا على ضرورة التمسك بالعلوم والتحكّم في ناصيتها ولا سيما العلوم الشرعية والعصرية منها فهو يعتبر أن الرسالة الأولى لكل مؤمن ومسلم أن يغرف من بحر العلوم الظاهرة والباطنة حتى يتجاوز بها كل قواطع النفس والجهل.
كما ألحَّ الشيخُ على ضرورة الجمع والتوفيق الكاملين بين الشريعة والحقيقة و نادى - كما نادى أسلافه من علماء السنة- بأنْ لا تحقُّقَ إلا بعد التحلّي بآداب الشريعة و رسومها وبأنْ لا تشرُّعَ ما لم يصحبه ذوقٌ روحيٌ و تحققٌ باللطائف الإلهية.
على أنَّ هذا الجمع اللطيف بين حقائق الشرع وشرائع الحقّ لا يتمُّ إلا في رؤية متجذّرة في زمانها، عالمةٍ بالتغيرات الطارئة، ومواكبةٍ لما يستجدُّ في العصر بعد العصر من المتغيرات.
القَوْلُ النَّدِيُّ في مَعنَى أمنِيَّةِ النَّبِيّ (تفسير القرآن) بسم الله الرَّحمَن الرَّحيم القَوْلُ النَّدِيُّ في مَعنَى أمنِيَّةِ النَّبِيّ [1] “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى...إلى قوله تعالى: عذابٌ مُهينٌ” 1. يَقولُ المُفتَقِرُ إلَى مَولاهُ، مَن كَثُرَت مَساويه وخَطَايَاهُ، العَبدُ الضَّعيفُ المُحتَقَرُ، مُحَمَّدُ بنُ خَليفَةَ، بنُ الحاج (...)
تتمةلَطَائِفُ الصِّلاَتِ فِي أَنْوَار الصَّلاَةِ (تفسير القرآن) سم الله الرحمن الرحيم 1- حَمدًا لِمَن تَجَلَّى للشُّهودِ، وظَهَرَ لِعِبَادِهِ بمَا هُو موجودٌ، وصَلاَةً وسلامًا عَلَى ذي الحَوْضِ المَورُودِ، عَينِ الرَّحْمَةِ وأَصْلِهَا، وقَبْضَةِ الأَنْوارِ وفَصْلِهَا، سَيِّدنَا مُحَمَّدٍ وآله، وكلِّ مَن نَحَا نَحْوَهُ، وسَارَ عَلَى مِنوالِه، 2- أمَّا بَعْدُ، فَقَد سَألَنِي بعضُ الأصدِقَاء عَن (...)
تتمةلَواقِحُ القُلوب في معنى ابتِلاء أيُّوب (تفسير القرآن) بسم الله الرحمن الرحيم “وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَءاتَيْنَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَبِدِينَ(84) [21] .” لَواقِح القُلوب في معنى ابتِلاء أيُّوب [22] 1- يَقولُ العَبدُ (...)
تتمةالرحيق المختومُ في شرح الحقِّ المَعْلومِ (تفسير القرآن) بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحيمِ
هذا شرحٌ لآية من كتاب الله، ألّفه الشيخُ سيدي محمد المدني، رحمه الله، في الثلاثينيات من القرن العشرين وأرسله إلى مقدّم الطريقة المدنية بمدينة صفاقس آنذاكَ.
تتمةالكلام الأَسْنَى فِي شَرح : إنّا فَتحنَا (تفسير القرآن) وَمِن فُيوضَات سيِّدي الشيخ مُحمَّد المَدني، رضي الله عنه، شرحه لِقَولِه تَعالَى:
“إنَّا فَتَحنَا لَكَ فَتْحًا مُبينًا إلَى قَولِه: ويَهديَكَ صِراطًا مُستَقيمًا”...
تتمةوَلَن يّجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (تفسير القرآن) هَذَا جوابٌ عن سؤالٍ وَرَدَ على أستاذِنَا مِن حَاضِرة قابس في قوله تعالى: “وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً” ]النساء: 141[
فأجابَ، رَضيَ الله عَنه، وأَرضَاه وجَعَلَ الحضرةَ مَثْوَاه: ...
تتمةمحاورة صوفية (التصوف) يَسُرَّنَا على بركة الله وبِعَونه أنْ نقدَّمَ إلى القارئ الكريم المحاورةَ الصوفية التي حرَّرَهَا سيِّدي محمّد المدني سنة 1950 وألقيت بمحضرهِ بمناسبة الاحتفال بالمولد النبويّ الشريف بالزاوية المدنية بقصيبة المديوني عمّرها الله. وهي مُحاورة تدلُّ على سعة إطّلاعه ورسوخه في علوم الشريعة والحقيقة. وحريٌّ بكلِّ مُنتَسِبٍ إلى الله أنْ يَحفظَ متنَ هذه المحاورة ويستضيءَ بها في دياجي الغَفْلَة.
تتمةالأصول الدّينيّة في شرح الرّسالة العلاويّة (التصوف) يسرُّ الطريقَةَ المدنيَّةَ أنْ تُقدِّم للقرّاءِ الكِرَام شرْحَ الرسالة العلاوية وهو تأليف لطيفٌ كَتَبه سيدي الشيخ محمد المدنيّ ليُفَسِّرَ به أبياتَ القَصيدة الألفيّة التي صاغها الشيخ سيّدي أحمد العلاوي. وهذا الشرح إصدارٌ جديد للزاوية المدنية فيه من لطائف المعاني ورَقيق المعارف ما يُعينُ كلَّ سالكٍ إلى الله تعالى في طريق المعرفة واليقين.
تتمةإجازات الشيخ سيدي محمد المدني (مؤلفات الشيخ سيّدي محمد المدني) إجازات الشيخ سيدي محمد المدني رحمه الله:
ـ إجازة الشيخ سيدي بلحسن النجار المفتي المـالكي ورئيس لجنة الإمتحانات بجامع الزيتونة تخص جميع مروياته في الفقه والحديث ورواية الصحاح العشر، كما أعطاه الإذن في الإفتاء على المذاهب الأربعة.
ـإجازة الشيخ محمد جمال الأمير مفتي مكة في الحديث والتفسير والبلاغة والعلوم الشرعية.
ـ إجازة سيدي الصادق الصحراوي تخص قراءة دلائل الخيرات وإعطاء الإذن في قراءتها لمن يرى فيه الأهلية.
ـ إجازة الشيخ سيدي أحمد العلاوي المستغانمي فيما يخص رتبة الإرشاد والتربية في التصوف باعتباره الرّكن الثالث من الدين والذي يعرف بالإحسان.
تتمةأوراد الطريقة المدنية العلاوية (التصوف) الورد
يُطلقُ مُصطلحُ “وِرْدٍ” في اللّغةِ العربيّة على الماء الذي يُورَدُ، وعلى وقت الوِرْدِ بين الظّمأين، وعلى النصيب من الماء، وسُمِّيَ النصيب من القرآن ِورْدًا من هذا فيقال لفلان ورد من القران يقرأه أي مقدارٌ معلومٌ وأخيرًا يطلقُ المصطلح على الجُزء من الليل يكون على الرجل أنْ يُصلّيهِ(ابن منظور، لسان العرب، ألجزء السادس، صفحة 908).
والوِرْدُ اصطلاحًا هو أذكارٌ مخصوصةٌ من القرآن وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن آثارِ العُلماء العاملين، يقولها الذاكر في أوقاتٍ يعاودها في اليوم والليلة، فيكون بمثابة الذي يرد الماء لينهلَ منه كلَّما عَطش، وكذلك ذاكرُ الله كلّما شغلته صوارف الدنيا، تعطشت روحه إلى ذكر الله تعالى فوَردَ مناهل الذّكر الزكيّةِ ليطمئنَّ قلبُه إيمانا و تَقَرَّ عينُه انشراحًا. قال تعالى :“أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”( سورة الرعد الآية 28).
ودليله من السُنّة المُطهرة أنَّ صحابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنَّ شرائع الإسلام قد كثُرت علي فأخبرني بشيء أتشبَّثُ به، قال: “لا يزال لسانك رطباً بذكر الله”(رواه الترمذي). كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة بعض الأذكار على هيئة وِرْدٍ منتظمٍ كل يوم، وندَبَ لذلك قائلا:"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في كل يوم مائة مرة كانت له عِدْلُ عشر رقابٍ، وكُتبت له مائةُ حسنة، ومحيت عنده مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مما جاء به إلا رجلٌ عمل أكثر منه (رواه البخاري).
وقال صلى الله عليه وسلم : “من قال”سبحان الله وبحمده“في اليوم مائة مرة حُطَّت خطاياه وإنْ كان مثل زيد البحر”( رواه البخاري). وكذلك ورد عن رسول صلى الله عليه وسلم في شأن التوبة والاستغفار قوله : “إنه لَيُغَان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مـائة مرة”( رواه مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم : “يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة”( رواه مسلم)
وقريب من مفهوم الورد ما عُرِفَ بأذكارِ الصَّباح والمساء وهي جملة من الأذكار النبويّة، أُثِرتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقولها أو نَدب لقولها. مثل ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قال حين يُصْبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه”( رواه مسلم).
هذا وقد أُثِر عن ابن سيرين أنه كانت لـه سبعة أوراد، فـإذا فاته شيء من الليل قرأه بالنهار. وكذلك عن الحافظ شيخ الحرم المكي سعد بن علي الزنجاني الذي التزم، لمَّا جاوَرَ مكةََ، نيفًا وعشرين عزيمةً (ورد) من بين المجاهدات والعبادات، وبقي بمكة أربعين سنة لم يُخلَّ بعزيمةٍ منها، كماوَرَدَ عن الإمام النووي ِورْدٌ معين، وهو مكتوب ومعروف.
وقد اتّبع الشيخ سيدي محمد المدني رحمه الله سنن العلماء والصالحين واستنَّ وردًا من القرآن والصلاة على سيد السادات ومن سائر الأذكار و التسابيح المحمدية التي ترفع المريد في مقامات التفريد.
بقلم مدني
تتمة