V. تأثر "الوو شو" بالبوذية:

إن تأثر "الوو شو" بالديانة البوذية برز أساسا في معبد "شاولين".
إن النورانية قد جائت إلى الصين في القرن الأول ق م و لكن انتشارها بين الطبقات الفقيرة لم يتم سريعا.

أ. دور معبد "شاولين" في تأسيس "الوو شو":
<< كل "الوو شو" تأسس في "شاولين">> (مثل شعبي صيني).
في سنة 527 م جاء إلى الصين راهب هندي اسمه "دا مو" الذي يسمى أيضا"بودي دهرما" و بعد رحلته الطويلة استقر في "شاولين" في جبل "سونغ" في مقاطعة "خونان" حيث أسس مذهب بوذي جديد سمي "بتشان"الذي عرف في اليابان و في الغرب باسم "زان".
يعتقد هذا المذهب أن كل إنسان يمكن أن يكون بوذا بشرط وجود الصفاء الروحي. فمن خلال التأمل يمكن للفرد أن يتخلص من كل الأفكار الفاسدة التي تلوث روحه حتى يصل إلى حقيقة أناه الصافية.
على غير المعابد الأخرى التي كان الراهبون يقضون أوقاتهم في دراسة الكتابة البوذية و الذين كانوا في أغلب الأحيان دارسين و مفكرين، كانت الممارسة البوذية في أغلب الأوقات قائمة على ساعات طويلة من العزلة و الصلات. يروى في بعض الأساطير أن "دا مو" اعتكف يصلي و يتأمل لمدة تسع سنوات في غار إلى حد أن ترك أثر ظله على الحائط.
و بدون شك كان أغلب الرهبان يتضررون من جراء الساعات الطويلة التي يقضونها في وضع "لوتس" مما يتسبب في أضرار في مفاصلهم و إضعاف أجسادهم.
يقال أن "دا مو" هو مبتكر مجموعة التمارين التي سميت بالأيدي الثمانية عشرة لبوذا التي كانت نواة "الوو شو" في "شاولين".
و لكن بعض الروايات تقول أن ابتكار "الوو شو" بدأ مع تأسيس معبد "شاولين" أي قبل ثلاثين سنة من قدوم "دا مو" و ذلك على يد الراهب الهندي "با توو" بأمر من الإمبراطور "شياوو وين".
و لم يثبت أن "شياوو وين" كان يمارس "الوو شو" و لكن علم أن اثنان من تلامذته و هما "سانغ شو" و "خوي كوانغ" كانا يتمتعان بمهارة قتالية عالية بالأسلحة و بدون أسلحة.
بحسب كل الاحتمالات فان ممارسة "الوو شو" في "شاولين" هي نتاج لعوامل دينية و سياسية جائت معا أو تتالت. و كما أن مذهب "تشان" البوذي كان مثالا للتسامح ، حيث كان معبد "شاولين" ملجئا للعديد من الرهبان الذين هربوا من المعاصي التي كانت ترتكب في المعابد الأخرى اذ أنهم لم يستطيعوا التعايش معها مثل شرب الخمر و أكل اللحم. كما أنه كان ملجئا للمقاتلين الفارين و لمرتكبي جرائم القتل...
و كان أيضا ملجأ العديد من خبراء "الوو شو" الذين وجدوا هذا المعبد المكان المثالي للاعتزال أو للهروب من أعدائهم.

نتيجة لكل هذه الظروف أصبحت ممارسة "الوو شو" في "شاولين" ضرورية و ذلك من أجل المحافظة على اللياقة البدنية و للحاجة الدفاعية. كذلك فان الوضعية الجغرافية للمعبد قد جعلته عرضة للمغتصبين و اللصوص مما زاد ظرورة تعلم "الوو شو" لدى الرهبان و ذلك للدفاع عن أنفسهم.
فأصبح "شاولين شي" أي معبد "شاولين" مكانا هاما لالتقاء خبراء "الوو شو" حيث يمكنهم تبادل خبراتهم بكل سلام بما أن القواعد الشرعية للمكان تمنع كل ما هو عنف و تشويش.
و قد ساهم هذا في تطوير "الوو شو" في "شاولين" و جعل منه ناجحا بل الأسلوب الذي لا يخسر، كما أنه رمز للقيم العالية. و بمر العصور تطور "الوو شو" في "شاولين" حيث انبثقت منه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة العديد من المدارس.
عاش "شاولين شو" في عهد أسرة "شينغ" فترة عصيبة إذ أن الكثير من الأساتذة الذين كانوا باتصال بالمعبد كانوا معارضين سياسيا للأسرة الحاكمة "المنشوز"، كما أن "الوو شو" في شاولين كان هدفه تحرير البلاد من هؤلاء المغتصبين. بالتالي فان ممارسة "الوو شو" هدفها الإطاحة بحكمهم.
و قد قرر "الشينغ" أن يدمروا معبد "شاولين" بما فيه و ذلك بمعونة القوات المسلحة التي تملكها الامبراطورية، فهرب رهبان "شاولين" و انتشروا في كامل أنحاء الصين حاملين معهم معارفهم القتالية و شرعوا في تعليمها للشعب الصيني.
و مع مر العصور تنوعت المدارس و تم بذلك ظهور مختلف الأساليب.
ب. لمحة عن مملكة "مانشو شينغ":
في سنة 1644 طلبت أسرة "مينغ" عون قبائل "مانشوز" الذين يعيشون حاليا في "منشوريا"(في الخريطة بالأحمر) من أجل مقاومة الإمبراطور الجديد المعارض لهم "لي زيشانغ". لكن "المنشوز" بعد موته تولوا المراتب العليا في الجيش و احتلوا الصين حيث أسسوا مملكة "شينغ". و رغم المحاولات التي قام بها "منشوز" من أجل أن يهيمنوا على الثقافة الصينية فشلوا في ذلك وظلوا دائما في أعين السكان الأصليين الصينيين مغتصبين و غرباء لأنهم ليسو من أصل صيني، و قد تعرض "المنشوز" لمقاومة كبيرة من طرف "شاولين".

» II. أصناف أساليب "الوو شو":