يقول الله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة ً وسَطا ) لو تفكرنا بمعنى هذه الآية الكريمة لوجدنا أن الله لا يحب لنا الغلو في الدين بل يوصينا بالتوسط والبعد عن الغلو كيف لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إياكم والغلو فإن الغلو قد أهلك من كان قبلكم " .
وبالرغم من أن التطرف ليس بالظاهرة الجديدة إلا أن ما نشهده هذه الأيام من تزايد لهذه الحركة واشتداد خطرها وتعدد الأسماء المنضوية تحتها والشعارات الداعية إليها وانتشار الساعين في ركبها كل ذلك دفعنا إلى الخوض في تفاصيل هذا الموضوع ولا بد من الإشارة إلى أنه ينبغي أن نميّز بين التديّن الذي هو الالتزام بأحكام الدين ، والتطرّف الذي هو غلو وتجاوز وبعد عن معاني الشريعة السمحاء . فالمتطرف هو إنسان يبحث عن الآراء والأفكار المتشددة البعيدة عن الصواب ويحاول إلزام الناس بها بالتمويه والتعمية والاستدراج مستغلا الجهل وبعض الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
والجدير بالذكر أن العديد من التنظيمات المتطرفة انطلقت شرارتها الأولى من صفوف الدراسة مستغلة الواقع الاجتماعي والفارغ الذي يعانيه الكثير من الشباب وضعف التوعية السليمة التي تشكل حصنا حقيقيا في وجه المبادئ المتطرفة ومضامين الغلو ومظاهره .
إلا أن جزءا من خطر التطرف والمتطرفين يكمن في تسمياتهم فهم يطلقون على أنفسهم أسماء رنّانة لا تعكس مضمونها المتطرّف ليروّجوا بضاعتهم الفاسدة وأفكارهم المسمومة متّخذين من الإسلام ستارًا .
إن التمسك بأصول الشريعة وأحكامها لا يعني الانغلاق فالأصولية كما نفهمها عودة إلى الأصول الصحيحة للدين وليست أعمال تخريب تستهدف الأبرياء والمؤسسات .
لقد شهدت الحقبات التاريخية المتعاقبة العديد من الحركات المتطرفة إلى أن حل القرن العشرون الذي ابتلي المسلمون بنوع خطر من هذه الحركات التي يستقي جلّها فكره الهدّام ( وإن بلغ تعدادها العشرات ) من منبع واحد ألا وهو مؤلفات وكتب المحرّفين .
وهنا يبرز لنا بوضوح دور العلماء والمشايخ والدعاة الذين هم خط المواجهة الأول وخط الدفاع الأقوى الذي في حال سقوطه يصبح الطريق أمام هؤلاء المتطرفين معبّدًا ، وتصبح أهدافهم سهلة التحقيق .
كم هو مفيد العودة إلى الينابيع الحقيقية والتمسك بمصادر التشريع دون تحريف فالعلم الديني السليم يحرس من كل أشكال التطرف ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : " يا أيها الناس تعلّموا فإنما العلم بالتعلّم والفقه بالتفقّه "
المصدر : صفحة
ஐ۞ஐ๑ Sheikh Mokhtar Brahmi - الشيخ مختار براهمي๑ஐ۞ஐ