الجواب:
التصوف هو منهج تربوي روحي يهتم بتطهير النفس من كل أمراضها التي تحجب الإنسان عن ربه عزوجل وتقوم انحرافاته النفسيه والسلوكيه فيما يتعلق مع الله عزوجل ومع الآخرين ومع الذات
والطريقه الصوفيه هي مدرسه روحيه التي يتم فيها التطهير النفسي والتقويم السلوكي والشيخ هو القيم والأستاذ الذي يقوم بذلك مع الطالب أو المريد .
فالنفس الشريه بطبيعتها يتراكم بداخلها مجموعة من الامراض مثل: الكبر, العجب,الغرور,البخل,الغضب , الرياء,الرغبه في الانتقام , الكره , الحسد , الحقد , الخداع , الطمع . قال تعالىحكاية عن امرأة العزيز( وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء )..ومن أجل ذلك فطن أسلافنا الأوائل الى ضرورة تربية النفس وتخليصها من أمراضها للتواءم مع المجتمع وتفلح في السير الى ربها
والطرق الصوفية ينبغي أن تتصف بأمور منها:
أولا: التمسك بالكتاب والسنه وكل ما خالف الكتاب والسنه فهو ليس من الطريقه , إذ إن الطريقه هي منهج الكتاب والسنه.
ثانيا:لاتعد الطريقه نعاليم منفصله عن تعاليم الشريعه بل جوهرها.
وللتصوف ثلاث مظاهر رئيسيه حث على جميعها القرآن وهي:
أولا:الإهتمام بالنفس , ومراقبتها , وتزكيتها , وتنقيتها من الخبث ( ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها )
ثانيا : كثرة ذكر الله عز وجل قال تعالى ( ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله كثيرا )
ثالثا : الزهد في الدنيا وعدم التعلق بها والرغبة في الآخره ( وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون )
أما عن الشيخ الذي يلقن المريد الأذكار ويعاونهم على تطهير أنفسهم من الخبث , فهو القيم والأستاذ الذي يرى منهجا معينا هو الأكثر تناسبا مع هذا المريض , أو تلك الحالة , أو هذا المريد أو الطالب ... وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن ينصح كل انسان بما يقربه الى الله وفقا لما يتناسب مع النفسيات المختلفه ..فياتي رجل اليه ويقول يارسول الله أخبرني عن شيء يبعدني عن غضب الله ...لإيقول صلى الله عليه وسلم ( لاتغضب ).. وياأتي آخر ويقول أخبرني عن شيء أتشبث به فيقول ( لازال لسانك رطبا من ذكر الله )...وكان من الصحابه رضوان الله عليهم من يكثر من قيام الليل ومنهم من كان يكثر من الجهاد. ومنهم من كان يكثر من الصدقة أو قراءة القرآن.
وهذ لايعني ترك شيء من العبادة وانما هناك عبادة معينه يكثر منها السالك إلى الله توصله الى الله عز وجل بحسب نفسه وعوائقها الموصله لله وعلى أساس ذلك تعددت المذاهب وتعددت أبواب الجنه ولكن الجنه واحده !! قال صلى الله عليه وسلم (لكل أهل عمل باب من أبوب الجنه يدعون بذلك العمل ) , فكذلك الطرق تتعدد والمداخل والأساليب , وفقا للشيخ والمريد نفسه ..فمنهم من يهتم بالصيام , ومنهم من يهتم بالقرآن أكثر , ولكن لا يهمل الصيام ...وهكذا
إذا نرد على من يقول : لماذا لا نتعلم آداب السلوك وتطهير النفس من القرآن والسنه مباشرة ؟؟
نقول وبالله التوفيق نحن لم نتعلم أركان الصلاة وسننها ومكروهاتها بقراءة الكتاب والسنه وانما تعلمنا ذلك من علم يقال له علم الفقه , صنفه الفقهاء واستنبطوا كل تلك الأحكام من القرآن والسنه .ولن تجد عالما واحدا تعلم الكتاب من الكتاب والسنه مباشرة لأننا لو أخذنا العلم مباشرة من الكتاب والسنه فما حاجتنا للعلماء إذا ؟؟؟
وكذلك هناك أشياء لم تذكر في الكتاب والسنه ولابد من تعلمها على يد شيخ ومشافهته كعلم التجويد مثلا , فيقولون مثلا ( المد اللزم ست حركات ) فمن الذي جعل المد ذلك لازما ؟ وماالدليل على ذلك ؟ ومن الزمه للناس ؟ انهم علما ء هذا الفن , فن التجويد ..كذلك علم التصوف وضعه علماء التصوف من أيام سيدي الجنيد رضي الله عنه من القرن الرابع الى يومنا هذا ...ولعل فيم ذكرنا بيانا لمعنى التصوف والطريقه والشيخ وسبب تعدد الطرق ولماذ ناخذ عن المشايخ ولانرجع للكتاب والسنه مباشرة ... نسال الله ان يبصرنا بامور ديننا والله تعالى اعلى واعلم.
المقاله مأخوذه من كتاب الإمام علي جمعة "البيان لما يشغل الأذهان" ص 227